قراءة في قصيد (حب بالحصيدة)
للدكتور الشاعر Hamed Hajji
رؤية الاديبة الشاعرة فائزه بنمسعود
——————————-//
نوستالجيا شعرية
ا======= حب بالحَصيدَة ======
وواعدتُها بالحصيدة… ساعَةٓ زٓيّقٓ صُبح وأقبٓلَ فجرُ
وكنا افترشنا سنابل قمح و غنى حذانا فراش وطيرُ
وكنا التحمنا كأنّ ذراعيّٓ بيضُ المناجل أو هِيٓ غمرُ
وقلتُ أحبك جدا… أحبك ما ماس غصن وما ضاع زهرُ
وقلتُ:
وحبك يابنت قلبِي
نبيٌّ ومعجزة
له نهي وأمرُ…
فقالت:
كأنك موسى
وجوفي عصاه
وهذي الصبابة بحرُ
وقلتُ:
وحبك ناي
تشرّبت الروحُ نغمَتَه
له بالقلب لحن وسحرُ
فقالت:
أيا عازف الناي مهلا…
أما قد كفى النايٓ
ثقب وحفرُ..!؟
أفقتُ على ذكرياتِ الصبا والبيادر واحتارٓ منِّيٓ فكرُ
كأني على حرف ساقية من حنان… كأن التذكر نهرُ
وهاتفتها.. جادك الغيث يا حب.. بالقلب نار وجمرُ
أتى صوتُ ابنتها… ايه يا عمُّ مرّ على موتِها اليوم شهرُ !
أتساءل
هــل النوستالجيا والحنين عقاب عادل لمن ضلّ الطريق؟!
————————————-
يا اهل الهوى والود
اعلموا ان للحب مواسم ولعل أروعها هو موسم
صبا الحب
حيث يحكم قبضتها على الحبيبين لانه فتيّ ويتحلى بروح المغامرة التي قد تورده المخاطر
وبكل عنفوان خطوات الحب الاولى يعيش الحبيبين
لذة اللقاء والمواعيد
وتتعدد الاماكن وكلها مباحة للقاء شاعري بعيدا عن عيون الفضول وأعداء الحب وحزب من في عرفهم (الحب حرام)ورجم من تتعاطاه(خاصة الانثى)مشروع وهذا من جهلهم وقصر نظرهم
والا كيف يحرمون ما أحله الله فالكون بالحب يحيا ويستمر
وقصيد (حب في الحصيدة)
حدد مطلعه مكان اللقاء ( حقل حصيد)وزمانه(زيّق الفجر اي مع خيوط الفجر الاولى)
وكل العواذل نيام والحقل الحصيد بعد رفع المحصول الى البيادر ما عاد يؤمه أحد ويخلو من الاحياء في هذا التوقيت الباكر وهكذا عاقر الحبيبين كاسات الهوى في امان واستمد الشاعر لغة التعبير عن حبه لحبيبته من حديث الحاصدين (سنابل /منجل /غمر/)
(وواعدتُها بالحصيدة… ساعَةٓ زٓيّقٓ صُبح وأقبٓلَ فجرُ
وكنا افترشنا سنابل قمح و غنى حذانا فراش وطيرُ
وكنا التحمنا كأنّ ذراعيّٓ بيضُ المناجل أو هِيٓ غمرُ
وقلتُ أحبك جدا… أحبك ما ماس غصن وما ضاع زهرُ)
وفي غيبوبة هذا الحب كان البوح الصامت الحارق(أحبك جدا)
وبعدها مباشرة مرّا الى التصريح والقول حيث حل الحب عقدة من لسانيهما وكانت هذه الحوارية
وقلتُ:
وحبك يابنت قلبِي
نبيٌّ ومعجزة
له نهي وأمرُ…
فقالت:
كأنك موسى
وجوفي عصاه
وهذي الصبابة بحرُ
وقلتُ:
وحبك ناي
تشرّبت الروحُ نغمَتَه
له بالقلب لحن وسحرُ
فقالت:
أيا عازف الناي مهلا…
أما قد كفى النايٓ
ثقب وحفرُ..!؟
حيث أخبرها بسلطان حبها عليه فهو الامر الناهي بل كانه رسالة سماوية خصه الله بها
لتواصل هي جوابها في نفس خط النبوة والانبياء
وتحدث عن موسى عليه السلام ومعجزة العصا
ولعصا الحب مآرب أخرى كفتح قلب الحبيب وترفيع كمّ الحب الذي لا يعيّر في الحقيقة لان الاحاسيس النبيلة ليس لها معيارا ابدا
ومن موسى الى مزامير داوود
حيث الحب صار نايا يعزف السحر ويأسر القلب
وهنا بكل دلال وغنج تطلب الحبيبة التلطف بقلبها الذي أوجعه الحب لانه امكن منه والحب في الصبا عنفوان وألم جميل(أما قد كفى الناي ثقب وحفر)
اما المقطع الاخير
أفقتُ على ذكرياتِ الصبا والبيادر واحتارٓ منِّيٓ فكرُ
كأني على حرف ساقية من حنان… كأن التذكر نهرُ
وهاتفتها.. جادك الغيث يا حب.. بالقلب نار وجمرُ
أتى صوتُ ابنتها… ايه يا عمُّ مرّ على موتِها اليوم شهرُ !
فيعيدنا الى واقع ثابت
الى ان كل ما سبقه هو لوحات من الذاكرة منحوتة في وجدان الشاعر أعادتها له ريح نوستالجيا هبت عليه من عهد صبا هذا الحب
فكانت نفحات الحنين قوية ولا تقاوم لدرجة انه سأل عن هذه الحبيبة ليأتيه الجواب الغير متوقع
الجواب الصادم(مر على موتها اليوم شهر)
حزين هذا الجواب ومؤلم لحد النخاع
نهاية غير متوقعة بنيت على المفارقات والادهاش لان بقدر كمّ الاشتياق والحنين سيكون كم الحزن لفقدان الحبيبة التي كان يتحسس ريحها عن بعد
هذه الحبيبة التي قضت بقية مواسم الحب بعيدا عنه ولكن كلاهما رسب في موسم الصبا وأول عهدهما بتبرعم الحب وما غادراه وكانا يعيشان النوستالجيا معا
واليوم رحلت الحبيبة فحتى الحنين ما عاد له طعم أكيد…
—نوستالجيا أخذتنا في رحلة حنين الى ربوع مسقط الرأس الى جمال موسم الحصاد الى حكايات الحب الاولى التى تولد وقد تموت في المهد صبية
ومع هذه الشحنة المبثوثة من ذاكرة الشاعر كانت رحلة نوستالجيا التي تخبرنا علنا ان الماضي دائما هو الأجمل والأكمل والأروع
ولت اللحظة الآن لكن تثبيت الماضي وإضفاء الطابع الرومانسي عليه واضح، ركز الشاعرعلى هذه اللحظات الصغيرة،فنعيش الاحباط
والكآبةالنغميةللقصيدة(ان صح التعبير)
ونعيش قدرة الشاعر على بث الروح في لغة القصيد…
دمت مبدعا دكتور حمد الشاعر
فائزه بنمسعود
Discussion about this post