قراءة في قصص أوائل المسابقة الدورية السادسة ( حزيران. يونيو 2023 ):
=============================================
الجزء الأول
1- تزمير – أسامة السلامة
استخدمَ لغةَ الإيماءِ في دائرتِهِ؛ ضَمُرَ لسانُهُ… وضعوهُ على طاولة التَّشخيصِ، أعادوهُ بعد قَطعٍ ووَصلٍ.. وضعوا في فاهِهِ (سيجاراً)؛ أضحى بوقاً أبديًّا.
التزمير هو النفخ في المزمار، وفلان بوق لفلان إذ كان واجهته للإشهار وداعيا له، والعنوان والقفلة مرتبطان.
في القصة مايعبر عن لغة الخطاب: الايماء، اللسان، فم، بوق.
وهناك تحول من الايماء المعبر عن الصمت أو تحاشي الإفصاح الذي أفضى لضمور العضو المناط له بالعمل, وأي عضو لايعمل يضمر كما في الاستحالة الواليرية، تحول في النهاية إلى البوق وهو أقصى درجات التعبير: يقال النفخ في البوق مثلا لإعلان الحرب.
وبين الاستهلال والقفلة الكيف، والكيف هنا عملية تكييف للشخصية للإضطلاع بمهمتها الجديدة: قطع ووصل ووضع السيجار في الفم، و السيجار مرتبط بالعظمة والتكبر وقد يرمز للدكتاتور وهناك المفارقة بأن ذلك الذي يحمل في فمه سيجارا ماهو إلى صنيعة أشخاص آخرين أرادوا من خلاله الدعاية لهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 – تبخر – أسماء المصمودي
أسكرتني خمرة الحب…حملني بين ذراعيه، حلقنا فوق حصانه الأبيض…
لما جمعنا الرباط المقدس، شدني إلى أوتاد خيمته ثم علا بمفرده.
المرأة أكثر تأثرا بالكلام المعسول والعزف الرنان على وتر القلب، فتبني لنفسها أحلاما ولكنها تكتشف في النهاية أنها كانت تسكن سحابة، سرعان ماتتبخر بمجرد الزواج لتسقطها من عل، هي قصة ترويها كل زوجة تبحث بعد الزواج عن أحلام بنتها وتهدمت.
استعملت الكاتبة ما يشير لحالة اللاوعي التي دخلتها فاستعملت كلمات ناعمة: أسكرتني،حلقنا.
ومايقابلها بعد الحياة الزوجية(الرباط المقدس) من خشونة: شدني، أوتاد.
وعود الرجل بحياة حالمة تتحول لمعاملة مغايرة، شدني إلى أوتاد خيمته كأي متاع أو بهيمة تربط في وتد بينما يحلق وحيدا مع حلمه لتتبخر أحلام المرأة.
قصة تطرح سؤالا: لماذا لايدوم الحب بعد الزواج، هل هي لهفة البدايات التي تخمد سريعا، أو أن الرباط المقدس تقطع ما إن لاح للزوج أفق أحلامه فلم يعد بحاجة لزوجته لمرافقته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 – سِيْكُولُوجيّ – مصطفى جميل شقرة
يضعُ في عينِيهِ مِقْصلةً، حتَّى يمنعَ نفسِي، أخذَتُ أتضَاءلُ بينمَا تتَّسعُ حدقتَه.. هذهِ المرَّة أوقَفته، كنتُ أنا الجائِع وهو الضّحيَّة.
النص نفسي مامن شك، وفي هذا النوع من النصوص، يحب أن نجتهد لنعرف الشخصيات الفاعلة التي قد تكون مجرد شخص يحادث نفسه.
السارد يتحدث عن الآخر بصيغة الغائب، يضع في عينيه مقصلة، والمقصلة وسيلة عقاب لخطيئة كبرى: حتى يمنع نفسي( هنا وجدت صعوبة في فهم الجملة، كأنها غير مكتملة: يمنع نفسي مم؟ أم هل هي نفسي بفتح الفاء ؟ على كل تذكرت هنا حديث الرسول صلي الله عليه و سلم في بيعة العقبة: “وتمنعونني مما تمنعون منه أنفسكم… ” أي تحمونني وتدافعون عني) إذن هنا المقصلة هي وسيلة ردع وحماية للنفس من الوقوع في الخطأ، وهذا ربما هو دور الأنا العليا.
لكن الواقع أن الهو وهو المتحدث السارد لم يقبل تلك القيود فأصبح في ظلام ضامرا مع اتساع القيد، فقرر أن يوقف الأنا العليا فيما يشبه تمردا عليها. هذا تأويل لخطاب وعلاقة بين الهو الجائع للذة والأنا العليا المقيد .
Discussion about this post