إبداع اللغة وسياق الرمز الخمري بشذرة الشاعر د حمدحاجي بقلم الكاتبة بسمة الطرابلسي تونس

إبداع اللغة وسياق الرمز الخمري
بشذرة استاذ حمد حاجي

تقديم
لو نظرنا للنص من خلال معطياته المعجمية الدالة على الصوفي منها او نظرنا الى ما درجت عليه الروح العرفانية من خلال ثراء اللغة وفيوضاتها الدلالية وتوالدها اللفظي الناجم عن قدرة المجاز في تحريك الصورة الشعرية وتوثباتها البلاغية..
لرأينا ان النص يوهم بالصوفي في مجمله دلالة.. ورغم تقديرنا لوهج اللغة وتجليات الرمز الخمري فيها الا ان توظيف الشاعر لرمز الخمرة وسياقاته في العرفان الصوفي يصوغ بالضرورة واقعاً فنياً مختلفاً عن شعر الحب العذري..

من باب مشتغل اللغة

نجد لغة عالية الرهافة وظفها الشاعر لوصف (الخمرة) والرجوع بها الى الشعور والمشاعر ..
أ- عالم الخمرة:
فاستخدام هذا المعجم بالنص يوهم إحاطة العقار والخمرة وسلطتهما وشمولهما لعالم الشاعر المكاني / وكذلك الزماني.. انظر.. نادل الحان /القدح/ الكأس..
صب/صحا /طفح..
لاحظ:
– يقوض الغياب بالحضور الذهني.. (وعقلي بروح الصبابة من حيث غاب صحا) من ناحية..
ويهدم المقدس بالمدنس اذ ما معنى الدعاء بجاه الرسول، صحبه من جهة ومن جهة اخرى يصب الخمرة!؟

ب- عالم المشاعر:

لجأ الشاعر حمد حاجي الى معجم شعوري ووظفه بعناية اذ اعتمد ألفاظاً نفسية وعاطفية شعورية.

لو تنظر مثلا حضور
(مناظر للحانة..
النادل أوالساقي ،
الراح والشرب)
لقد كانت جنبا لجنب مع تفجير العاطفة (بأوجاعه
بروح الصبابة
في الحب
أسعى)
فإن الشاعر يصنع بها أبعادا درامية للعلاقة بالخمرة ، ليطور رؤيتنا عن افساد العقل الى رتبة أعلى وهي الفناء بالمحبة التي يغيب بها المرء عن الخلق.

فإذا كان لدى المتصوفة (تتسع الرؤية فتضيق العبارة) فان الامر عند حمد حاجي الشاعر نلحظ أنه قد (تتسع الرؤية فتتسع العبارة)..
وإذا كان جزاء المؤمنين أنهارا من خمر لذة للشاربين ، إلا أن حمد حاجي الصوفي الشاعر أو الفنان يقدمها لنا ضمن إطارها الدنيوي.. بانكشاف الجمال يقع إيصال فكرة (اللامدرك) كأني به يريد ان يشرح اي الشاعر حال السكر بالذي لا شرح له..
.
.

خاتمة
بهذا النص نحن أمام جهد لغوي يعمد إلى غلق عالم الخمرة.. ليفتحه على مدرك شعوري عاطفي وجداني..
فاذا كانت الخمرة في شعر سابقي الاستاذ حمد حاجي تعبّر عن ترف بمدونة التراث العربي، فقد كانت عنده تعبّر عن فعل بنائي باللغة يبعث ما هو روحي للوجود ويبرز ما هو نفسي لكينونة البشر ويبحث في المشترك الفكري الانساني..
وهو ما تقوله اللغة..
.
.

المرجع
د. عبدالخالق محمود ، سيكولوجية الإبداع في الشعر الصوفي ، ضمن (شكري عياد : جسور مقاربات في التواصل الثقافي ، عين للدراسات والبحوث ، القاهرة ، ط1 ، 1995، ص234.