سلسة أحداثيات فوق ماء الذهن
الملائكة فلسفة تفكر بالمتغيرات وتحصد الطعام الإلهي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدخل
((لا يتعلق الأمر بالتفكير أكثر، وإنما يتعلق بالأحرى بالتفكير على نحو مغاير))*
تبدأ رحلة السؤال الفلسفي ( فلسفة الفعل ) مع الملائكة وهم أول من أسس فلسفة سؤال الفعل ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) ولم يرفض القرأن سؤالهم لأنه أساسا يتبنى فلسفة الفعل ( لَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) ولكن الذي حدث ان الله نقل العوالم بما فيها الملائكة الى مستوى توحيدي كان ضمن التخطيط الإلهي لا يتم الا عبر هذا المجعول ليظهر من مكنون ذاته ومظاهر اسراره واسماءه عبر استخلافه للذات والأسماء والمظاهر (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) شهيد على تجلياته في هذا المجعول الحامل لأمانة خلافة الذات
ولم تكن القضية صراعا بين الخير والمستحدث الجديد الذي ينتج على يد المجعول والمسمى شرا لأن الملائكة شخصت هذا الفعل بابشع مظاهره من سفك وافساد فالشر كان معلوما ومعاشعا في عوالم قد خلت تعلمها الملائكة وكلامهم يشعر ان الأرض معهودة لهم بتكرار فيها مرتين ( اتجعل فيها من يفسد فيها )
القضية ان مقام الاستخلاف هو استحداث جديد مفاده ان الاختيار هو ماهية الاستعداد الذاتي كحامل له القدرة في تمثيل المظهر الإلهي كمحمول قطعي (أول الدين معرفته) وهذا الحامل يتملك البديل الفلسفي للسؤال السابق من (اتجعل فيها) الى (وهدوا الى صراط العزيز الحميد) وهو جريان الفعل الإلهي في الاستعداد البشري كأنه فعله / ارني كيف تحيي الموتى / واذا تحي الموتى باذني / اضرب بعصاك الحجر / أن بورك من في النار ومن حولها / وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى / وسخرنا مع داود الجبال / ولسليمان الريح تجري بامره / أيكم يأتيني بعرشها )
سؤال فلسفة الفعل الإلهي مرجأ الى الان بفعل هيمنة السؤال البشري (لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ)
فالطعام الواحد هو التوحيد والفعل الإلهي الذي تمظهر في مسالك درجات الأنبياء ومراتب الفهم والتوحيد
تمكنت الملائكة من حصد مغانم كثيرة في دراسة هذا المجعول وما يخمل من متغيرات فتكفلت في مراحل لاحقة الوحي وتبليغه وحمله وشرف القتال في مقام الاستخلاف وتدبير الكون والترقي في درجات القرب الإلهي لم تكن لتحصل عليها بموجب قصور سؤالهم الفلسفي الذي نقله الله من مرتبة الفعل الانساني بنسخته البشرية الى مرتبة الفعل الإلهي المتمظهر بجوارح وروح الانسان عبر فلسفة المتغيرات في كل مرحلة
مركزيات الانسان هي تصريف الفعل الإلهي في خدمة أهدافها الكبرى بفارق جوهري وهو انها تسقى بماء واحد لا بتأويل واحد ومن هنا يتقدم الفهم بهويات شتى صوب المعرفة والتقدم
ان مشهد سؤال الملائكة هو مشهد التحول والمتغير في حين اننا نرى ان مشهد التفلسف
العربي أو الغربي أو الإسلامي هو مشهد يحرس ايديولوجيات معرفية ثابتة لا انه يفكر بل يستعيد تلك الجاهزية بثياب جديدة لذات الجسد
ولثبات تلك المسائل بشتى أنواعها بحكم ثبات ايديولوجيتها فان الفلسفة تحولت من فلسفة سؤال عن طبيعة المتغير الى فلسفة أسلوب تحرس الثابت
حيدر الأديب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المقولة لـــ جان ماري دوميناك
Discussion about this post