ورقات 7 :
“مبدعون غادرونا في صمت
لكنهم في الذاكرة يقيمون ”
الشاعر الحبيب الهمامي :
عرفته من خلال كتاباته في جريدة الصريح في منتصف تسعينات القرن الماضي ثم عن طريق زوجته الشاعرة المتميزة راضية الهلولي في بعض الملتقيات الأدبية وكان لي الشرف أن زارني في خيمة الإبداع مع زوجته وأهداني البعض من كتبه وكنت كتبت قراءة مطولة حول كتابه “أجمع الياقوت من حديثك” ونشرتها بالملحق الثقافي لجريدة الشروق التونسية .
والشاعرالحبيب الهمامي هومن أهم الشعراء التونسيين في الثلاثين سنة الأخيرة وهو من مواليد مدينة حمام الأنف في 1959 . وكان من أنشط الشعراء التونسيين في الثمانينات وهو من إطارات وزارة الثقافة عرف بصمته وطيبته ومن الشعراء النادرين الذين أبدعوا شعرا و نثرا و كان له حضور مكثف في الصحافة المكتوبة بعيدا عن الصراعات و عالم الأغاني و أضواء القنوات المنتشرة في البلاد..
من أهم مؤلفاته :
* “لغة الأغصان المختلفة ” مجموعة شعرية بالإشتراك مع يوسف رزوقة والصادق شرف وكمال كداوين عن دار الأخلاء سنة 1982 .
* “هكذا فاتني الآتي” مجموعة شعرية عن الدار التونسية للنشر سنة 1992
وحصلت على جائزة وزارة الثقافة لسنة 1993 .
* “يطربني لون عينيك ” مجموعة شعرية عن الدار العالمية للنشر سنة 2004
* “أحبك بأتم معناك” مجموعة شعرية عن دار البراق للنشر والتوزيع سنة 2009
* ” آهات الورد” مجموعة مقالات دأب على نشرها في جريدة الشروق سنة 2011
* “صوتها يكفي لتحلية البحر ” مجموعة شعرية عن دار الثقافية للنشر سنة 2014
* “أجمع الياقوت من حديثك ” مجموعة شعرية عن دار المنتدى للنشر سنة 2018
* ” رضي القلب عنها ” مجموعة شعرية عن دار الوطن العربي سنة 2021 .
كح
غيب الموت الشاعر الحبيب الهمامي مساء يوم الاثنين 22 فيفري 2021 في مدينة الساحلين بعد معاناة مع المرض عن سن 62 عاما. لروحه السلام ولزوجته و أبنائه و كل أصدقائه الصبر و السلوان .
“””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
العشق جنون أو لا يكون في “أجمع الياقوت من حديثك”
للشاعر الحبيب الهمامي .
قراءة بقلم الشاعر عمر دغرير :
العشق جنون أولا يكون . ولعل كل من يكتفي بجمع اليواقيت من حديث المعشوقة ويستمتع بإجراء الحوارات الشيّقة والمتكررة معها ويستمع لها باهتمامٍ فهوعاشق مجنون . ولعل أيضا التواصل البصري وبمعنى آخر التحديق لفتراتٍ طويلة إلى وجه المعشوقة أحيانا ببلاهةٍ وخفة ظلٍّ وعفوية هو نوع من الجنون الذي يعبّر عن مدى الانسجام والاستمتاع بالجلوس مع من يعشقها القلب وكأن العينين طُبعت عليها رسالة تبوح بكلمات الغزل والرومانسيّة بدل الشفتين .وتعتبر حالة العشق هذه من أرقى حالات الجنون. ووحدهم الشعراء يتميزون بمثل هذه الحالات والأكيد أنهم يتفننون في وصف جنونهم ويبدعون . والأكيد أيضا ما نقرأه في كتب الشعراء من عناوين عاشقة يتوجون بها أشعارهم ويعطرون بها كتاباتهم . ومن أجمل هذه العناوين نقرأ : (لغة الأغصان المختلفة ) و (هكذا فاتني الآتي ) و ( يطربني لون عينيك ) و(أحبك بأتم معناك ) و( صوتها يكفي لتحلية البحر) و( أجمع الياقوت من حديثك) وهي كلها مجموعات شعرية للصديق الشاعر الحبيب الهمامي الذي غادرنا منذ أيام.
والشاعر الحبيب الهمامي لمن لا يعرفه بدأ مسيرته الشعرية منذ ثمانينات القرن الماضي مع ثلة من خيرة ما أنجبت تونس من شعراء في تلك الفترة . أذكر من بينهم على سبيل الذكر وليس الحصر المنصف المزغني وحافظ محفوظ وشمس الدين العوني وصلاح الدين ساسي ومحمد الهادي الجزيري ونور الدين بالطيب وكمال بوعجيلة ورضا الجلالي وسعاد قادري وحمادي الوهايبي ومختار الخلفاوي والهادي دبابي ومجدي بن عيسى وفاطمة بن محمود وعادل معيزي والطيب شلبي وزهرة العبيدي ونور الدين بن يمينة وبلقاسم اليعقوبي وغيرهم…
وفقيد الساحة الثقافية له خصوصيته في الكتابة الشعرية فهو يتميزبالحميمية في التعاطي مع الجزئيات والتفاصيل ملتزما في نصوصه بحضورعنصرالمفاجأة وكسر أفق الانتظار. وقد كتب عنه وعن شعره النقاد والشعراء العديد من المقالات أذكر منها ما كتبته الشاعرة نجاة العدواني حيث قالت :
” الحبيب الهمامي شاعر يختزل الكلمات وينفخ فيها من ذاته صورا موحية مغردة تفضح جنونه .”
أما الشاعر والروائي حافظ محفوظ فقد أكد أن :
” قصائد الحبيب الهمامي اللذيذة تختزل أسئلة لا تحصى وتعمل على إرباكنا بما تختزله من رؤية فنية متطورة ومن صور شعرية ضاربة في التجديد ومن ايقاع خاص يجعلها أنموذجا متطورا في التجربة الشعرية العربية”
ونقرأ للكاتبة والناقدة هيام الفرشيشي قراءة تقول فيها :
” إن ما يميز شعر الحبيب الهمامي هو حمل القارئ إلى ماوراء الصور الشعرية، وإلى مخاتلة مفهوم التصوف إلى غبطة الدهشة لتستحيل الكتابة إلى متعة التشكيل لمنابع الخلق الشعري، إلى عودة إلى رحم اللغة، إلى التأمل في وجوده الإنساني في خضم الوشائج التي تشد لغته إلى جذور الخلق”
أما الشاعر شمس الدين العوني فقد قال عنه :
” حالة شعرية مبثوثة في أرجاء هذا الكتاب العالم… هو عالم الحبيب الهمامي في الوجد والوجود حيث اللغة فراشة تتلوّن وتأخذ في التطواف إلى ما لا نهاية…وشعره قد مثل بستانا خاصا في مدونة الشعر التونسي الحديث”
وحتى أنهي هذه الشهادات أذكر ما كتبت عنه الإعلامية والناقدة نائلة الشقراوي :
” لا يخفي على متابع لتجربة الحبيب الهمامي لعلاقته الوشائجية والعميقة بزوجته الشاعرة راضية الهلولي التي يبدو انها تؤثر كثيرا في وجدانه وفي شعره وتستبقيه في مدارها طوعا رغم حلم السفر لديه فهي التي اشرقت فيه عشقا وهو الذي يجمع الياقوت من حديثها وقلبها”
ومن خلال هذه الشهادة الأخيرة أسترجع هذا العنوان الجميل والمثير في آن:
” أجمع الياقوت من حديثك ”
وهو في الحقيقة عنوان آخر كتاب صدر للشاعر الحبيب الهمامي عن دار المنتدى للنشر في أواخر سنة 2018 .والملاحظ أنه كتاب مختلف عن بقية كتاباته خاصة وأنه يحتفي بقصيدة الومضة والقصة القصيرة جدا وكذلك الشذرة على أحسن مايكون .والشاعر الحبيب الهمامي يعتبر من أهم رواد هذا اللون ولعله في أعتقادي يميل إلى هذا الأدب الوجيز لقلق يسكنه باستمرار. وهو مثل أغلب القراء لا يستطيع أن يبقى طويلا في حالة قراءة نص مهما كان مثيرا. وعلى هذا الأساس نجده في هذا الكتاب بالأساس يسعى الى كسب رهان هذا اللون من الأدب من خلال تكثيف المعنى والاقتصاد في اللغة. وقد جاءت كل نصوصه القصيرة متنوعة أسلوبا ومضمونا معتمدة في ذلك على الإيحاء والصورة الشعرية الواحدة والفكرة الواحدة وفيها يختزل الشاعرالنص ويكثف المعنى بكلمات مفتوحة على العديد من الدلالات التي قد تتنقل بالقارئ بين عوالم الدهشة والاستمتاع في آن .
لقد جاء الكتاب في أكثر من 130 صفحة مقسما على عشرين عنوانا فرعيا وكل عنوان هو في حد ذاته ومضة أو شذرة أو قصة قصيرة جدا. فنقرأ من هذه العناوين (أجمع الياقوت من حديثك ) (كل عام وأنت بي ) (صمتي شعر مسكوت عنه ) (جنون مكثف) (تبادل الصمت عبر الهاتف ) (جمالهن قادر على إطرابنا) وغيرها .
والمتابع لكل أشعار الحبيب الهمامي يلاحظ حرصه على تقديم كل تجاربه الشعرية على اختلافها وتخصيص هذا الكتاب للأدب الوجيز واستعراض نماذج من نصوص متقنة وقريبة في اسلوبها من ملامح الشعرالعربي تطرح مشاغل المجتمع التونسي بصفة عامة وتكشف عن وضع الشعراء والمبدعين بالخصوص .كما خص جانبا مهما لحالة العشق التي تميزه عن بقية شعراء جيله .
ومن البداية يطلعنا على أقصى حالات عشقه وهيامه بالحبيبة فيقول في صفحة 6 :
” شربتها …ولم يبق منها غير حذائها”…
هذه المعشوقة الإستثنائية التي صار يتابعها باستمرار ولو من بعيد و يعبدها عبادة ولا يفارقها لحظة واحدة وقد يصل إلى التهامها التهاما أو ابتلاع قطعة منها فيقول في صفحة 8 :
” سقط منها زرّ معطفها فأسرعت و التقطته ثم ألقيت به في فمي وبعد أن تلذذته ابتلعته” .
ويعظم به هذا العشق النادر بل هذا الجنون الخاص به دون كل الشعراء فيقول في لقائه مع المعشوقة في أحد المقاهي في صفحة 10 :
” ادفعي أنت ثمن قهوتي لأنني احتسيتها و لم أتلذذها فقد كنت أجمع الياقوت من حديثك” .
وفي موقع آخر يقول لها بعد أن ملأ سلته بالياقوت ولم يعد يرغب في المزيد :
” أصمتي أرجوك فكلماتك حبوب منومة” .
هذه المعشوقة التي يحلوالبقاء طويلا بقربها والتي تشعره بالإنتشاء بمجرد الإستماع إلى حديثها وقد تبح سكرا في قهوته وقد قال في صفحة 30 :
” لاأضع السكر في القهوة غير أنني أشربها وأذكر إسمك في سري فتحلو” .
ولعل أعلى حالات جنونه أظهرها في صفحة 33 حين قال :
” كل ليلة أقف تحت شرفتها وأصفر. فتظل بكامل أنوثتها .فأبقى بعض الوقت أتشمس ثم أمضي” .
وهكذا بين الومضة والومضة ومضة أجمل من التي سبقتها . ومن حالة جنون إلى حالة جنون أكثر إثارة وتوهجا . يعيش الشاعر فوضى حالات من العشق في كل الأماكن والأوقات ويتلذذ بهذه الفوضى التي يقر بأنها خاصة بالشعراء فيقول في صفحة 15 :
” الفوضى نظام الشعراء” .
وقد يصبحون شهداء هذه الفوضى وهذا الجنون المكثف على حد تعبيره في هذا الكتاب . وللتأكيد على كثافة هذا الجنون و غرابته في آن قال في صفحة 50 :
” غيرت باب بيتها …فاشتريت الباب القديم ففيه صدى طرقاتي” .
وقد يتحول جنونه إلى مرض يحتاج إلى مختص في الأمراض النفسية وهو الذي قال في صفحة 53:
” في المقهى أبقى واقفا . وحين تترك أنثى مقعدها وتغادر . أجلس مكانها . وبذلك أشعر بالنخوة” .
ويعترف الشاعر بهذا الجنون فيقول في صفحة 60 :
” أنا الشاعر المناسب في الشاعرة المناسبة لجنوني” .
هذه المجموعة من النصوص القصيرة لا تخلو من سخرية مرة وتحسّر فظيع على حالة الشعراء الكبار وموقعهم في الساحة الأدبية و مدى إهتمام الساهرين على هذا القطاع بالمبدعين فنجده يقول في صفحة 74 :
” الفتاة التي قرأت لها قصيدة غزل وأهدتني خصلة من شعرها اعتبرتها أول جهة شعرية تكرمني” .
وتبقى الأنثى هذه المعشوقة الأسطورية مصدر إلهام الشاعر ومنبع جنونه الفريد حتى أنه يفديها بعقله وجنونه ويلح الحاحا على احترامها مهما فعلت به . فنجده يقول لهذه المرأة التي تدوس عليه بقدميها وقد تؤذيه في صفحة 118 :
” أحترم كل إمرأة جميلة تدوس على قدمي في الحافلة وأقول لها : زيديني متعة” .
وما دمت شاعرا وأحس مثله بهذه المتعة كنت سأقول لهذه المعشوقة الإستثنائية : زيديه دوسا حتى يزيدنا أجمل الكلمات ولكن القدر كان أسبق . والأكيد أن كتاباته ستبقى خالدة وستحوز لها مكانة متقدمة في الساحة الأدبية العربية وكذلك العالمية . ولروح الشاعر الحبيب الهمامي السلام .
“””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
الأديبة والناقدة الأستاذة نايلة الشقراوي :
وميض الأحاسيس والمعنى في ديوان “رضي القلب عنها”
للشاعر التونسي الحبيب الهمامي
الومضة الشعرية جنس أدبي حديث يصعب الاشتغال عليه وليس سهلا كتابته رغم أنه في الظاهر يبدو بابا مفتوحا لكل الشعراء القادرين على الشعر لكن الايجاز في الكلمات في كتابة النص لا يعني انه نجاح في كتابة الومضة الشعرية فالقصائد القصيرة ايضا تعتمد على كلمات قليلة ولا تسمى ومضة .وللتذكير فإن الومضة الشعرية تعتمد كليا على الإيحاء والصورة الشعرية الواحدة والفكرة الواحدة في اختزال وكثافة للمعنى بكلمات مفتوحة على عدة دلالات التي تنتقل بالقارئ من عالم الدهشة الى عوالم الاستمتاع والحرفية وهذه الأخيرة لها علاقة متينة بالشاعر الحبيب الهمامي فهو احترف الومضة ودافع عنها من خلال نصوصه ليثبت اولا جدواها في ظل الرفض المعتاد لأي تجديد في الكتابة الأدبية والتشكيك في أي محاولة للثورة على الموروث في الأدب العربي .
ديوان الشاعر الحبيب الهمامي “رضي القلب عنها” يشكل وحدة معنوية كاملة بمختلف نصوصه وهذا هو الانجاز الحقيقي اذ ان الشاعر تجاوز منذ زمن فكرة اثبات براعاته الفنية والتقنية في كتابة هذا الجنس وصار يبحث عن دمج الدلالة بالمقصد بالأهداف في ومضاته كمن يعيد تشكيل الكون الشعري للومضة حسب ما توفرت له من خبرات فيخلق جسدا مبتدعا للقصيدة يعطيه اسمه بحيث اذا قرأت تقول هذه القصيدة هي من خلق الشاعر الحبيب الهمامي .
هنا نتحدث عن الاسلوب الخاص عن الإمضاء الذي لا ضرورة له لأن المنجز الشعري ينبئ عن نفسه يشي بصاحبه وسره .فماهو سر الحبيب الهمامي الذي على مدار سنوات من البناء نجح في أن يكون إضافة هامة في كتابة الومضة والقصيدة القصيرة ؟
ذكرنا الوحدة المعنوية الكاملة للنصوص رغم تعددها فالرجل مسكون بهاجس واحد هو ان يكتب نفسه داخل النص فهو الكون الشعري الذي يرسل خيوطه المضيئة في الحروف والكلمات لتتحدث عنه ،اذن فالنور خاصية بصرية تجذبك للنص لكن متى يتوفر هذا النور و كيف نراه ؟لنفترض ان الرؤية منعدمة لدى البعض ونترك الاحساس يدخلنا عوالمه عبر تقنية سينيمائية يستعين بها المحدثون في كتابة الرواية والقصة خاصة وتسمى caméra stylo وهي تقنية تعتمد على تصوير المشاهد والحبيب الهمامي اعتمدها بوعي كامل كرد على من لم يصله من قبل بريق الومضة عامة (الومضة الشعرية في الأصل تبنى على مبدأ توفر الوميض) ،فكانت الإضاءة من الداخل و الخارج في النص بمعنى ان الومضات تحولت الى مشاهد مصورة حتى وان لم ترها العين ندركها بالتمثل والسماع ،ومحتوى المشهد متجانس متكامل يصور ذاته اولا كمبدع عاشق ثابت في عشقه الذي يكتبه كل مرة دون أن يكرر نفسه ولا مشهد الحب فهو ضليع في كل الادوار مرة جسور ومرة أخرى خجول متحكم بالنهايات :
” أنا خجول
في حضرة أنوثتك
أتمادى
في السّكوت
وحين جلسنا ليلا
أتعمّد البرنس
وأخفي وجهي
تاركا لحظات العزف
تفوت
وعند الجنون
تتعرّين تماما
وأحتفظ أنا
بورقة التّوت” …
“نص ورقة التوت”
والخجل والجسارة عند الحبيب الهمامي الشاعر سلوك واسلوب كتابة وتلك ضمانة تجدده ،اذا لا يحتفظ بنفس النسيج الفني للقصيدة بل يراوح في تقنياته المستخدمة ويخاتل القارئ كل مرة بثوب جديد ،فينتصر في كل حالاته الشعرية للحب كمبدأ تبني عليه الفرضيات اللاحقة لحياة إنسانية تتشوه بعض دروبها وتندثر دلالات خرائطها اذا ما حدنا عنه ، هو المتجذر في الحب الذي يراه وجودا جوهره واضح لا يقبل بالزيف ولا يجوز فيه التمنع والمواربة ،الحب الحقيقة التي ايقنها كشاعر وعاشها طويلا مع زوجته الشاعرة راضية الهلولي هي تكتبه فتى القلب وهو يكتبها “رضي القلب عنها” ،والمسألة ما بينهما محسومة لصالح القلب فبه كان وكانت “نوايا “:
” كلّ الحكاية
أنّني أحبُّك بالنوايا؟
أَكُونُك
أو لا تكونين ؟” …
ستقرأ الومضات وتنتهي بدرب مضيء يخبرك عن ذاتك يكشف مخابئك ،يحكيك ويخرجك من ظلام نفسك الى النور فلا تعود بعدها الى ما كنت عليه وستقبض على وجهك داخل المشهد تدنيه من مرآتك الخاصة وتقول هذا الوجه كان من ضمن سلسلة المشاهد التي قرأتها ضمن الديوان فهل اواصل الهروب أم استكين لذاك الضوء والتحم بخيوط الشمس لأنال دفء الحقيقة و اقطع مع حالات الصقيع المندسة بكل الأمكنة وفي ما وراء الأبواب الموصدة ؟الإجابة مختصر قولها في مفتاح يملكه الشاعر الحبيب الهمامي:
” لحظة ينغلق بابُ بيتي
ولا مفتاح معي
أتنهّد
فينفتح الباب الموصد ” …
مفتاح وضعناه تحت مسمى الحب واختصرناه في حرفين هو في المطلق أكبر منهما واعظم ولعل تنهيدات الهمامي التي أشرعت الأبواب وحطمت مغاليقها دون عنف تأخذكم إليها وتبعث بكم الى سماوات الحلم الوحيد الذي يكتسب شرعية واقعيته بتواصله حلما تشكله الحروف المكتوبة لرفع منسوب الأحاسيس لدى الفرد ،ومن بعدها ممارسة السر الأكبر لهذه الحياة لا فقط إدراكه .
” اقرأ لا أنتظر أحدا وستلتقي بسرك والحياة في نقطة واحدة لا تحتاج معها الى مزيد من الركض” .
المرجع: مقال بجريدة الشارع المغاربي بتاريخ 13 أفريل 2021 .
Discussion about this post