في مثل هذا اليوم15 نوفمبر1820م..
أهل فاس البالي يبايعون مولاي إبراهيم بن اليزيد خارجين بذلك عن بيعة السلطان سليمان بن محمد.
فاس البالي هو أحد الأجزاء الثلاثة المكونة لمدينة فاس بالمغرب وتعتبر من أقدم أجزاء مدينة فاس القديمة.تحمل فاس البالي أسماء مختلفة مثل المدينة العتيقة وعين علو. وتتكون من عدوتي القرويين والأندلس وسميت نسبة إلى أصل مستوطنيها القادمين.
تتكون فاس البالي من آلاف المباني التاريخية مثل باب الجيسة وجامعة القرويين. وتمتاز أيضا بالأسوار والأحياء الضيقة وتأثير العمارة الأندلسية التي تتميز بالزخرفة والنقش على الخشب والنحاس والفسيفساء والجبس.
إبراهيم بن اليزيد (توفي 1236هـ، تطوان) أمير علوي مغربي ابن اليزيد بن محمد، بايعه أهل فاس البالي بعدما ضعفت سلطة سليمان بن محمد أمام بلاد السيبة، وبسبب الجفاف والجراد وغلاء القمح بعد أن سمح المخزن بتصديره لفرنسا.
بعد انكسار مولاي سليمان أمام تحالف أيت أومالو وأسره وانعكافه في القصر، خرج أهل فاس عن طاعته مدعين غيابه الطويل وعدم رده عدوان قبائل زيان على منطقتهم، فقام أهل فاس البالي بمبايعة مولاي إبراهيم بن اليزيد صبيحة 9 و10 صفر 1236هـ، مبريين وجود كتاب مزعوم من السلطان سليمان يعلن فيه عزل نفسه ويحثهم على البحث عن أمير يبايعوه. في المقابل بقي أهل فاس الجديد على بيعة المولى سليمان، فاشتعلت الفتنة بين العدوتين. توجه إبراهيم إلى أنصاره بتطوان وبايعوه، وهي مدينة عانت من سياسة الاحتراز والانغلاق عن أوروبا التي انتهجها المولى سليمان وكان تبنيه الدعوة الوهابية ومنعه مواسم الصوفية النقطة التي جعلت تطوان تعادي سلطة المولى سليمان وتسارع في مبايعة أبناء اليزيد.
ضرب مولاي إبراهيم حصارا على فاس دام عشرة أشهر. .مرض ومات، ودفن في بيت سيتحول لاحقا إلى مقر الزاوية التجانية بالمدينة. وكانت وفاته ليلة الخميس 4 جمادى الآخرة 1236هـ.
مولاي سليمان هو أبو الربيع سليمان بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن الشريف (ولد 20 محرم 1180هـ / 1760م – توفي 13 ربيع الأول 1238هـ / 28 نوفمبر 1822م) كان سلطاناً مغربياً من سلالة العلويين. وهو ابن السلطان محمد الثالث. حكم بين 1797 – 1822م.
أعتمد على سياسة الانغلاق أو ما يسمى سياسة الإحتراز وهذه السياسة الإحترازية تعني الإنغلاق على العالم الخارجي فقد قطع جميع الصِلات بين المغرب وأوروبا وقلّل من المُعاهدات التي أبرمها والده حيث انتقلت من 11 إلى 3 معاهدات وأغلق جميع المراسي ومنع العلاقات التجارية الدبلوماسية… وذلك كله خوفا من انتشار وباء الطاعون بالإضافة إلى الخوف من أوروبا حيث عاصر عهد الثورة الفرنسية وعصر الحروب التوسعية للقائد العسكري الفرنسي نابليون، وأنَّ الفترة التي قضاها سلطانًا على المغرب عرفت هزات اجتماعية كانت نتيجة الإصلاحات الدينية التي أدخلها المولى سليمان على مذهب المغاربة.
وكان للسلطان المولى سليمان اطلاع واسع على الفقه الإسلامي ومصنفاته ودواوينه، وله فيه مساهمات مهمة، تأليفا، ودراسة، وإفتاء، ومناظرة.
أحدث هذا فتنة دينية بالمغرب، جعلت بعض الزوايا والطرق الصوفية تتخذ منه مسافة وصلت إلى درجة العداء، لما أقدم، بصفته سلطانا وأميرا للمؤمنين، على إصدار ظهائر سلطانية تجرم وتمنع مواسم الصالحين والأضرحة، فكانت قبائل الأطلس في طلائع المحتجين على التوجهات الجديدة للسلطان
قبل خروج المولى سليمان من مدينتي فاس ومكناس عين بهما ابنيه علي والحسين، لكنهما فشلى في تسيير المدينتين. ومباشرة بعد رحيل السلطان لفاس، قامت عناصر جيش الأوداية من نهب ملاح اليهود بالمدينة لمدة ثلاثة أيام متتالية. وبعد فراغهم من الملاح الصغير قرروا التوجه إلى الملاح الكبير. ولأن تجار فاس كانوا يعهدون بسلعهم وأموالهم إلى اليهود، كان هذا الهجوم على أهل الذمة كافيا لتتحول المعركة إلى مواجهة مفتوحة بين الأوداية وأهل فاس. نظم أهل فاس أنفسهم وجعلوا على كل جهة قائدا لمواجهة بطش الأوداية، وظلوا متشبثين بالمولى سليمان سلطانا شرعيا للبلاد. فراسلوه طالبين منه العودة إلى الغرب، إلا أن رده المتأخر فهموا منه عجزه عن الحكم. فبدأت تظهر فتاوى لتعيين سلطان جديد فوقع اختيارهم على المولى إبراهيم بن اليزيد. تمرد سكان فاس القديم وبايعوا إبراهيم بن اليزيد، خصوصا بعد أن ظهر كتاب مزعوم منسوب للسلطان يعزل فيه نفسه ويأمرهم بالبحث عن أمير يسير شؤونهم، وعلى عكس فاس القديم تمسك أهل فاس الجديد ببيعة المولى سليمان، فحدث اقتتال وفتنة بين العدوتين توفي على اثرها المولى إبراهيم في 4 جمادى الآخرة 1236هـ وبايعوا أخوه مولاي سعيد. حاصر المولى سليمان مدينة فاس حتى اشتد وضاق عليها الخناق فدخلها السلطان وأعطى الأمان لإبن أخيه سعيد ثم أصلح الأمور بين جيش الأوداية وأهل فاس، وكان ذلك في رجب 1237هـ. ويروي الناصري أن السلطان في تلك الفترة «سئم الحياة ومل العيش وأراد أن يترك أمر الناس لابن أخيه المولى عبد الرحمان بن هشام ويختلى هو لعبادة ربه إلى أن يأتيه اليقين». فكتب خلال تلك الفترة وصيته التي جاء فيها: «الحمد لله، لما رأيت ما وقع من الإلحاد في الدين واستيلاء الفسقة والجهلة على أمر المسلمين…»، ثم أوصى بالحكم من بعده لابن أخيه عبد الرحمان لأنه: «لا يشرب الخمر ولا يزني ولا يكذب ولا يخون ولا يقدم على الدماء والأموال بلا موجب». وتوفي السلطان مولاي سليمان يوم الخميس 13 ربيع الأول 1238هـ.!!