في مثل هذا اليوم25 نوفمبر1867م..
ميلاد طلعت حرب، اقتصادي مصري ومؤسس بنك مصر…
محمد طلعت بن حسن محمد حرب (25 نوفمبر 1867 – 13 أغسطس 1941) اقتصادي ومفكر مصري، كان عضوًا بمجلس الشيوخ المصري، وهو مؤسس بنك مصر ومجموعة الشركات التابعة له، يعد أحد أهم أعلام الاقتصاد في تاريخ مصر ولقب بـ «أبو الاقتصاد المصري» فقد عمل على تحرير الاقتصاد المصري من التبعية الأجنبية وساهم في تأسيس بنك مصر والعديد من الشركات العملاقة التي تحمل اسم مصر مثل شركة مصر للغزل والنسيج ومصر للطيران ومصر للتأمين ومصر للمناجم والمحاجر ومصر لصناعة وتكرير البترول ومصر للسياحة وستديو مصر وغيرها.
ولد بالقاهرة وتخرج من مدرسة الحقوق عام 1889 والتحق للعمل كمترجم بالقسم القضائي «بالدائرة السنية» ثم أصبح رئيسا لإدارة المحاسبات ثم مديراً لمكتب المنازعات حتى أصبح مديراً لقلم القضايا. وفي عام 1905 انتقل ليعمل مديراً لشركة كوم إمبو بمركزها الرئيسي بالقاهرة، ثم مديراً للشركة العقارية المصرية والتي عمل على تمصيرها حتى أصبحت غالبية أسهمها للمصريين، وفي عام 1910 حاولت الشركة المالكة لقناة السويس تقديم مقترح لمد امتياز الشركة 50 عاماً أخرى، إلا أن طلعت حرب ساهم في حشد الرأي العام لرفض ومعارضة هذا المقترح وأصدر كتابه «مصر وقناة السويس»، حيث أثمرت هذه الجهود لاحقاً قيام مجلس النواب برفض هذا المقترح.
شارك في ثورة 1919 وبدأت بعدها تتبلور فكرة بنك وطني للمصريين للتحرر من الاحتكار المصرفي الأجنبي، وساهم في إنشاء «شركة التعاون المالي» بهدف الإقراض المالي للمصريين، ومع انتشار دعوته التف حوله الكثيرون ونجحوا في تأسيس «بنك مصر» عام 1920، وتوالت العديد من المشروعات الاقتصادية الكبرى داخل وخارج مصر، إلا أنه في عام 1940 عانى البنك من أزمة مالية كبيرة تحت ضغط كلا من الحكومة المصرية وسلطات الاحتلال الإنجليزي، ورفض البنك الأهلي منحه قروض بضمان محفظة الأوراق المالية، وعندما لجأ طلعت حرب إلى وزير المالية أشترط وقتها أن يترك منصبه لعلاج الأزمة، مما أجبره على الاستقالة من البنك عام 1939.
كان لدى طلعت حرب أيضاً العديد من المساهمات الأدبية والثقافية، ولعل أبرزها معارضته الشهيرة لكتابات وأفكار قاسم أمين والتي جعلته يصدر كتابيه: تربية المرأة والحجاب وكتاب فصل الخطاب في المرأة والحجاب، كذلك لديه بعض المؤلفات الأخرى مثل: مصر وقناة السويس وتاريخ دول العرب والإسلام، كما كان من أعضاء الجمعية الجغرافية. توفي طلعت حرب عام 1941م في قرية تابعة لفارسكور بدمياط.
نشأته:
ولد طلعت حرب في 25 نوفمبر 1867 بمنطقة قصر الشوق في حي الجمالية وفي رحاب مسجد الحسين، وكان والده موظفاً بمصلحة السكك الحديدية الحكومية، وينتمي إلى عائلة حرب بناحية ميت أبو علي من قرى منيا القمح (وتتبع حاليا الزقازيق) بمحافظة الشرقية، كما كانت والدته تنتسب إلى عائلة صقر لقرية تابعة لمنيا القمح أيضاً.
حفظ طلعت حرب القرآن في طفولته ثم التحق بمدرسة التوفيقية الثانوية بالقاهرة. والتحق بعد ذلك بمدرسة الحقوق الخديوية في أغسطس 1885 وحصل على شهادة مدرسة الحقوق في 1889 وكان من أوائل الخريجين، اهتم بالإضافة لدراسة الحقوق بدراسة الأمور الاقتصادية، وكذلك الاطلاع على العديد من الكتب في مختلف مجالات المعرفة والعلوم وقام بدراسة اللغة الفرنسية حتى أجادها إجادة تامة.
بدأ طلعت حرب حياته العملية مترجماً بقلم ليشتغل مترجماً بالقسم القضائي «بالدائرة السنية» ـ وهي الجهة التي كانت تدير الأملاك الخديوية الخاصة، ثم أصبح رئيسا لإدارة المحاسبات ثم مديراً لمكتب المنازعات خلفا لمحمد فريد وذلك في عام 1891 ثم تدرج في السلك الوظيفي حتى أصبح مديراً لقلم القضايا، كانت كفاءة طلعت حرب في إدارة المشروعات سبباً في استعانة بعض الأعيان به، ومن أبرزهم عمر سلطان باشا الذي كان يعد أحد أغنى أغنياء مصر في ذلك الوقت، والذي أوكل إليه إدارة أعماله بصفة دائمة. ساهمت تلك الأعمال في إكسابه خبرة واسعة في الأمور الإدارية والتجارية، كما تمتع بشهرة جيدة وتم اعتباره واحداً من أبرز الكوادر الإدارية في تلك الفترة.
حياته الأولى
في عام 1905 انتقل ليعمل مديراً لشركة كوم إمبو بمركزها الرئيسي بالقاهرة التي كانت تنشط في مجال استصلاح وبيع الأراضي واستقال منها عام 1909، كما أسندت له في نفس الوقت إدارة الشركة العقارية المصرية التي عمل على توطينها حتى أصبحت غالبية أسهمها في يد المصريين، وفي عام 1905 حصل طلعت حرب على لقب البكوية.
كانت مصر في هذه الفترة تعاني من استحواذ غير المصريين على كافة المناصب والأعمال التجارية، وكذلك كانت تعاني من أزمة اقتصادية كان يدفع ثمنها المواطن البسيط، بالإضافة إلى ظروف الاستعمار الذي بدأ في عام 1882، كان طلعت حرب يرى أن أولى خطوات التحرر من الاستعمار تأتي بضرورة تمصير الاقتصاد الذي كان معظمه بأيدي الأجانب، ولعل هذا هو ما شجعه على دراسة العلوم الاقتصادية وإتقان اللغة الفرنسية.
كان طلعت حرب أيضاً في بداية حياته كاتباً بارعاً، وسخر الكثير من كتاباته حول مناقشة قضايا العالم الإسلامي وقضايا مصر، خاصة في عام 1894 عقب عقد مؤتمر المستشرقين في باريس، فقام عثمان كامل (سكرتير السلطان) بإهداء طلعت حرب رسالة في الدفاع عن الدين الإسلامي فقام طلعت حرب بترجمتها إلى اللغة العربية وعنونها (كلمة حق عن الإسلام والدولة العثمانية)، ثم أهداها إلى الشعب المصري، بالإضافة إلى قيامه بكتابة مقالات في الصحف ضد هذه الحملات. وفي أوائل القرن العشرين قام قاسم أمين بنشر أولى كتبه «تحرير المرأة» والذي لقي معارضة واضحة من جانب طلعت حرب، حيث استمرت الحرب الأدبية بينهما لفترة من الوقت.
في عام 1910 تقدمت شركة القنال بطلب للحكومة المصرية بتمديد فترة امتياز شركة قناة السويس التي كانت ستنتهي في17 نوفمبر 1968 لمدة 40 سنة أخرى تنتهي سنة 2008. ووقفت الحكومة البريطانية وسلطة الاحتلال موقف المؤيد لمد الامتياز “خصوصا وقد بدأت الحركة الملاحية بالقناة تتضاعف ضعف ما كانت عليه، وكانت البضائع البريطانية تمثل 78,6 % من مجموع البضائع المارة بالقناة،
ولكن الحركة الوطنية المصرية بقيادة محمد فريد قادت هجوما كاسحا على طلب المد وقلبت الرأي العام ضده، حتى أن إبراهيم الورداني الذي قام باغتيال رئيس الوزراء بطرس غالي باشا سنة 1910 صرح من ضمن اعترافاته أنه أقدم على فعلته لعدة أسباب منها ما ذكره من سعي بطرس غالي باشا لمد امتياز القناة، وقام طلعت حرب بتأليف كتاب عن قناة السويس ليوضح الحقائق للعامة والخاصة عن تاريخ القناة، وكيف ضاعت حصص مصر من الأسهم والأرباح وخسائرها حتى 1909م. وخلص إلى القول أن الأسهم التي باعتها مصر ب 560 فرنكا للسهم الواحد أصبح سعرها بعد ثلاثين سنة فقط 5010 فرنكا للسهم، وحصتها من أرباح القناة التي باعتها ب 22 مليون فرنك أصبحت قيمتها 300 مليون فرنك، وقام طلعت حرب بطبع هذا الكتاب ونشره، مما ساهم في إنشاء ضغط شعبي دفع بالجمعية العمومية (مجلس الشعب) بتكليف كل من محمد طلعت حرب وسمير صبري بكتابة تقرير عن الموضوع، وبالفعل قدما تقريرهما للجمعية الذي وضحا فيه خسائر مصر المالية المتوقعة في حالة تمديد الامتياز الحالي بالشروط السالف ذكرها، وبناءً على هذا التقرير رفضت الجمعية العمومية عرض تمديد امتياز شركة قناة السويس. وبقي الامتياز قائما بشروطه حتى جاء التأميم 1956م قبل نهاية الامتياز ب12 سنة.
وبالرغم من أدوار طلعت حرب الوطنية في تلك الفترة وإشادة مصطفى كامل به لدوره في مساعدة الفلاحين فترة عمله كمدير قلم الدائرة السنية، وكذلك لموقفه القوي في الدفاع عن الحجاب والمعتقدات، إلا أنه تعرض كثيراً للنقد من شخصيات الحركة الوطنية ومنهم محمد فريد، خاصة أنه لم يكن من مساندي مبادئ مصطفى كامل بل كان معارضاً لها، وعمل على استمالة صديقه عمر سلطان باشا عضو الحزب الوطني والعمل على إيقاف دعمه المالي، واعتبرت بعض الشخصيات أن طلعت حرب يميل للأثرياء والخديوي خاصة بعد انضمامه لحزب الأمة الموالي للإنجليز، إلا أن موقف طلعت حرب الوطني شهد تغييراً جذرياً في السنوات التالية، ورجح المفكر فتحي رضوان أن هذا التغيير سببه انتشار الوعي الوطني في هذه الفترة، وزيادة المد الثوري الذي شهدته مصر كلها قبل ثورة 1919 التي فجرت الكثير من البواعث الوطنية لدى الكثيرين.
دوره الاقتصادي
في عام 1911 قدم طلعت حرب رؤيته الفكرية واجتهاداته النظرية عن كيفية إحداث ثورته الثقافية وذلك من خلال كتابه «علاج مصر الاقتصادي وإنشاء بنك للمصريين»، كان طلعت حرب ميالاً (بشكل واعٍ) للفلاحين والفقراء حيث كان يضطر معظمهم للاستدانة بشكل ربوي مجحف من بعض المرابين، وساهم في الدفاع عنهم عند تصفية الدائرة السنية وسعى إلى بيع الأراضي للفلاحين الذين يزرعونها. كانت أسعار القطن عالمياً قد شهدت زيادة، لكنها لم تصب في صالح المزارع المصري البسيط، كذلك لم يكن هناك نظام مالي يدعمهم فرغم إنشاء البنك المصري (Bank of Egypt) والبنك الأهلي، لكنهما كانا مخصصين لتمويل الأجانب فقط، وتسببت ظروف الاستعمار وقتها في استنزاف موارد الاقتصاد المصري لمصالحهم فقط.
لذلك بدأ طلعت حرب دعواه عام 1906 من أجل إنشاء نظام مالي مصري خالص لخدمة أبناء الوطن وللسعي أيضا للتحرر من القيود الاستعمارية الاقتصادية، وقد لقيت دعواه استجابة واسعة،، استطاع طلعت حرب في عام 1908 تأسيس شركة التعاون المالي برأس مال مصري وذلك بهدف تقديم العديد من القروض المالية للشركات الصغيرة المتعسرة مادياً، وساعده أيضاً عودة الدكتور فؤاد سلطان من الخارج والذي كان يعد أحد أبرز الخبراء الاقتصاديين، وقام بتقديم الدعم الكامل لمساعي طلعت حرب.
قام طلعت حرب بإصدار كتابه «علاج مصر الاقتصادي» الذي طرح من خلاله فكرته في ضرورة إنشاء بنك للمصريين لخدمه المشاريع الاقتصادية في مصر والنظر في المشكلات الاجتماعية، تحمس الكثيرون لفكرته بالرغم من معارضة السلطات الإنجليزية، وقرر المجتمعون بالفعل تنفيذ فكرة حرب في إنشاء بنك مصر، لكن هذه الجهود تعطلت بسبب الحرب العالمية الأولى. وعادت فكرة إنشاء البنك عقب قيام ثورة 1919 في مصر.
بنك مصر
كانت فكرة إنشاء بنك مصري وطني حلماً راود الكثيرين منذ أيام محمد علي باشا. فبالرغم من أن محمد علي قبل وفاته أمر بإنشاء بنك برأسمال قدره 700 ألف ريال، لكن مشروع البنك انهار كسائر مشروعات والي مصر لما أصابه المرض بعد أن ضاعت ثمرة حروبه عليه نتيجة التواطؤ الدولي على حصار قوته.
ثم عادت فكرة (بنك مصر) إلى الحياة بعد أن دعا إليها «أمين شميل» في مقال له في 26 أبريل 1879 في جريدة «التجارة»، واجتمع على أثر ذلك عدد من أعيان مصر، غير أن الخلاف الذي نشب بين الجمعية الوطنية المصرية التي أنشأها الخديوي إسماعيل وبين الخديوي والتي وقعت في أعقابه الثورة العرابية أعاق إتمام الفكرة. ويحكي صديق عرابي الشهير «مستر بلنت» في مذكراته عن الثورة العرابية عن عزم عرابي إنشاء «بنك تسليف» للفلاحين لولا أن الاحتلال داهم الحكومة العرابية وقضى على المشروع.
بعد ذلك عادت فكرة (بنك مصر) إلى الظهور عندما بدأ «عمر لطفي بك»، عضو الحزب الوطني ووكيل كلية الحقوق، في إلقاء محاضرات في نادي المدارس العليا ابتداءً من اليوم الأول في نوفمبر 1908، عن نظام التعاون والتسليف في ألمانيا وإيطاليا؛ لكن الفكرة عانت من الخلاف بين التيارات التقدمية والرجعية، ولم تنجح الفكرة مجدداً إلا مع مجهودات طلعت حرب الذي بدأ بطرح الفكرة في بعض خطبه، وعقب انعقاد المؤتمر المصري الأول في 29 أبريل عام 1911 انتهز محمد طلعت حرب باشا اجتماع أعيان البلاد وكبرائها وعرضت لجنة المؤتمر فكرة إنشاء بنك مصري وقرر المؤتمر بالإجماع وجوب إنشاء بنك مصري برؤوس أموال مصرية، كما قرر اختيار محمد طلعت حرب باشا للسفر إلى أوروبا لدراسة فكرة إنشاء البنك بعد عمل دراسة كافية عن المصارف الوطنية وأسلوب عملها في الدول الأوربية، فلما صدر كتاب محمد طلعت حرب باشا بعد ذلك، آمن كل مصري بالفكرة التي يدعو إليها وإلى تنفيذها، لكن الحرب العالمية الأولى التي أعلنت في 4 أغسطس سنة 1914 أدت إلى تأجيل فكرة البنك لأكثر من 8 سنوات، وعادت من جديد الدعوة لإنشاء البنك بعد قيام ثورة 1919.
إنشاء البنك
أقنع طلعت حرب مائة وستة وعشرين من المصريين بالاكتتاب لإنشاء البنك، وبلغ ما اكتتبوا به ثمانين ألف جنيه، تمثل عشرين ألف سهم، أي أنهم جعلوا ثمن السهم أربعة جنيهات فقط، وكان أكبر مساهم هو عبد العظيم المصري بك من أعيان مغاغة الذي اشترى ألف سهم· وفي الثلاثاء 13 ابريل سنه 1920 نشرت الوقائع المصرية في الجريدة الرسمية للدولة مرسوم تأسيس شركة مساهمة مصرية تسمى «بنك مصر»· كان قد تم قبل ذلك عقد تأسيس الشركة بين ثمانية من المائة والستة والعشرين مساهماً جميعهم مصريون، وحرر بصفة عرفية في 8 مارس سنه 1920 – ثم سجل في 3 أبريل – أي بعد أقل من شهر وهؤلاء الثمانية هم: أحمد مدحت يكن باشا، يوسف أصلان قطاوي باشا، محمد طلعت بك، عبد العظيم المصري بك، الدكتور فؤاد سلطان، عبد الحميد السيوفى أفندي، اسكندر مسيحه أفندي، عباس بسيوني الخطيب أفندي.
نص عقد الشركة الابتدائي، على أن الغرض من إنشاء البنك هو القيام بجميع أعمال البنوك، من خصم وتسليف على البضائع والمستندات والأوراق المالية والكامبيو والعمولة، وقبول الأمانات والودائع، وفتح الحسابات والاعتمادات، وبيع وشراء السندات والأوراق المالية، والاشتراك في إصدار السندات، وغير ذلك مما يدخل في أعمال البنوك بلا قيد أو تحديد، وأنه يجوز زيادة رأس المال بقرار من الجمعية العمومية للمساهمين، على أن يقوم بإدارة الشركة أو البنك مجلس إدارة مكون من تسعة أعضاء على الأقل ومن خمسة عشر عضواً على الأكثر تنتخبهم الجمعية العمومية، وتم انتخاب مجلس الإدارة المكون من:
أحمد مدحت يكن باشا.. رئيسا لمجلس الإدارة
يوسف أصلان قطاوى.. وكيلا
محمد طلعت حرب بك.. نائب للرئيس وعضو مجلس الإدارة المنتدب
الدكتور فؤاد سلطان بك.. عضو مجلس الإدارة المنتدب بالإنابة
أما الأعضاء فهم: عبد الحميد السيوفي وعلي ماهر وعبد العظيم المصري وأسكندر مسيحة ويوسف شيكوريل وعباس بسيوني الخطيب.
اشترط العقد أن يملك عضو مجلس الإدارة مائتين وخمسين سهماً على الأقل، ولا يجوز له التصرف فيها طول مدة عضويته، وأن لا يكون عضواً بالجمعية العمومية من يملك أقل من خمسة أسهم، وتأسس بنك مصر حول المحاور الرئيسية وهي إنشاء بنك مصري برأسمال مصري وإدارة مصرية وكوادر مصرية ولغة تعامل عربية وتحويل تنموي للاقتصاد الوطني من الاستثمار الزراعي إلى الاستثمار الصناعي.
لم تحاول سلطات الاحتلال البريطاني منع قيام هذا البنك المصري أو وضع العقبات في طريق إنشائه، على الرغم من أنه قام لينافس البنك الأهلي الذي كان يمثل سلطة الاحتلال الاقتصادي الإنجليزي لمصر، وأرجح ذلك إلى أن الشارع المصري كان في ذلك الوقت في حالة غليان في أعقاب ثورة 1919م، فلم تشأ سلطة الاحتلال أن تفجر الوضع مرة أخرى مثل ما حدث باعتقال سعد زغلول من قبل. كما أن الإنجليز ربما رأوا أن بنك مصر برأس ماله الصغير وقلة خبرة المصريين في أعمال البنوك لن يستطيع الصمود في المنافسة، ولن يلبث أن يقع ويغلق أبوابه، فلا داعي لدخول معركة ضد الرأي العام لا حاجة لهم بها.
وفي 10 مايو 1920م تم افتتاح البنك رسمياً، وألقى طلعت حرب خطبة في دار الأوبرا المصرية بمناسبة بدء أعمال بنك مصر، وكان أول مقر له في شارع الشيخ أبو السباع. وبدأت رحلة بنك مصر في تمصير الاقتصاد المصري والقيام بدور كبير في الاقتصاد المصري، حيث ساهم في تأسيس مجموعة من الشركات المستقلة التي تدور في فلكه فترفعه والقطاعات الاقتصادية الأخرى تدريجياً نتيجة التفاعل الطبيعي بينها جميعاً وأدت سياسته إلى الكثير من التطورات التي شوهدت في الاقتصاد الوطني والتي كانت مرتبطة إلى حد كبير بنشاط بنك مصر وشركاته أو كانت تمثل نتيجة من نتائجه·
المشاريع الأخرى
بعد عامين فقط من إنشاء بنك مصر قام طلعت حرب عام 1922م بإنشاء أول مطبعة مصرية برأس مال قدره خمسة آلاف جنيه وذلك ليدعم الفكر والأدب ويقوي المقاومة الوطنية، ووصل رأس مال المطبعة بعد فترة لأكثر من 50 ألف جنيه.
بعد إنشاء المطبعة، توالت الشركات المصرية التي ينشئها البنك مثل شركة مصر للنقل البري التي قامت بشراء أول حافلات لنقل الركاب، كما قامت الشركة بشراء الشاحنات الكبيرة لنقل البضائع من الموانئ؛ كما أنشأ البنك شركة مصر للنقل النهري ثم شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى واستقدم طلعت حرب خبراء هذه الصناعة من بلجيكا وأرسل بعثات العمال والفنيين للتدريب في الخارج. كما أقام مصنعا لحلج القطن في بني سويف، وأنشأ البنك مخازن (شون) لجمع القطن في كل محافظات مصر.
ساهم أيضاً في إنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما، وفي عام 1927 أنشأ شركات مصر للنقل والملاحة البحرية، ومصر لأعمال الأسمنت المسلح، ومصر للصباغة، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لتجارة وتصنيع الزيوت، ومصر للمستحضرات الطبية، ومصر للألبان والتغذية، ومصر للكيمياويات، ومصر للفنادق، ومصر للتأمين، كما أنشأ طلعت حرب شركة بيع المصنوعات المصرية لتنافس الشركات الأجنبية بنزايون – صيدناوي وغيرهم.
سعى طلعت حرب لإنشاء شركة مصرية للطيران إلى أن صدر في 27 مايو 32 مرسوم ملكي بإنشاء شركة مصر للطيران كأول شركة طيران في الشرق الأوسط برأس مال 20 ألف جنيه، وبعد عشرة أشهر زاد رأس المال إلى 75 ألف جنيه، وقد بدأت الشركة بطائرتين من طراز «دراجون موت» ذات المحركين تسع كل منها لثمانية ركاب، وكان أول خط من القاهرة إلى الإسكندرية ثم مرسى مطروح، وكان الخط الثاني من القاهرة إلى أسوان. في عام 1934 بدأ أول خط خارجي للشركة من القاهرة إلى القدس.
ساهمت هذه المشاريع الوطنية في إذكاء الروح الوطنية في هذه الفترة، حيث شجعت هذه المشاريع الكثيرين على فكرة الادخار لدى البنك، وزادت ودائع البنك مقارنة بكل البنوك الأجنبية العاملة في مصر، مما أنهى مقولة الاستعمار والتي كانت تردد في ذلك الوقت «المصري لا يعرف إلا الاستدانة» حيث استطاع بنك مصر تحفيز الادخار لدى كل المصريين حتى الأطفال بعد أن وزع البنك حصالات على تلاميذ المدارس الابتدائية ثم يأخذ ما فيها ويفتح للأطفال دفاتر توفير بالبنك.
كذلك شجعت المشاريع المواطنين للإقبال على شراء منتجات هذه الشركات كبديل عن البضائع الأجنبية، كما أسس بعض المفكرين جماعة «المصري للمصري» وعملت على تشجيع المواطنين والتجار والمصانع للتعامل مع الشركات المصرية، وساهم النقراشي باشا رئيس الوزراء في إنشاء معرض صغير للمنتجات في النادي السعدي، وكان هذا السبب في إنشاء شركة المصنوعات المصرية في عام 1932، وتم افتتاح العديد من الفروع لها في أنحاء البلاد.
كان طلعت حرب يتطلع لقيام بنك مصر بدور أكبر في الأقطار العربية، وفتح مجالات أخرى لنشر فكرة البنك ومزيد من التعاون المشترك، وتمتعت مشاريع وإنجازات طلعت حرب مع بنك مصر بصيت واسع في العديد من الدول المجاورة، خاصة أنها كانت تعاني من هيمنة الاقتصاد الأجنبي عليها وعدم وجود أنظمة مالية وطنية.
في ديسمبر 1935 قام طلعت حرب بزيارة السودان واستطاع أن يلتقي بالحاكم العام للسودان، وفي بداية عام 1936 قام بزيارة الحجاز وساهم في استكمال مستشفى جدة ومكة وساهم أيضا في تأسيس مرفق الإسعاف الكامل في مكة المكرمة، وكانت العملة الحجازية تعاني من الاضطراب صعوداً وهبوطاً في مواسم الحج نتيجة أسعار صرف العملات الأجنبية في جدة، مما دفع طلعت حرب لإقناع الحكومة بقيام بنك مصر بتحصيل تكلفة الحج قبل سفر الحجاج، ثم تحصل القيمة دفعة واحدة على أساس قاعدة الذهب، ما ساهم في استقرار العملة.
وقامت الحكومة العراقية بتوجيه دعوة له فقام بزيارة العراق، ثم توجه بعدها إلى المعرض العربي بدمشق ثم زار بيروت، وساهمت الزيارة في تأسيس بنك مصر – سوريا – لبنان.
كان طلعت حرب يتمتع بعضويات مجالس إدارات شركات أجنبية قبل تأسيس بنك مصر، وساهمت هذه العلاقات في فتح أبواب جديدة للتعاملات الخارجية، حيث قام في 22 نوفمبر 1936 بتأسيس «بنك مصر – فرنسا» في باريس.
قائمة المشروعات
قائمة المشروعات التي ساهم فيها طلعت حرب بالترتيب الزمني:
سمو الأمير محمد علي يزور مطبعة مصر ويقف بجواره طلعت باشا حرب
1907: ساهم في تأسيس النادي الاهلي المصري 100 جنيه
1920: بنك مصر، رأس مال 80,000 جنيه
نادي طلعت حرب الرياضي ؛ يعتبر متنفسا رياضيا واجتماعيا وترفيهيا للعاملين ولأسر العاملين ببنك مصر وشركاته.
1922: شركة مصر للطباعة (مطبعة مصر)، رأس مال 5,000 جنيه
1923: شركة مصر لصناعة الورق، رأس مال 30,000 جنيه
1923: شركة مصر لتجارة وحلج الأقطان، رأس مال30,000 جنيه
1925: شركة مصر لصناعة السينما (استديو مصر)، رأس مال 15,000 جنيه
1926: الشركة المصرية العقارية، رأس مال 116,000 جنيه
1926: بنك مصر الفرنسي رأس مال 5 ملايين جنيه
1927: شركة مصر للغزل والنسيج، رأس مال 300,000 جنيه
1927: شركة مصر لمصايد الأسماك، رأس مال 20,000 جنيه
1927: شركة مصر لغزل الحرير، رأس مال 10,000 جنيه
1927: شركة مصر للكتان، رأس مال 45,000 جنيه
1929: بنك مصر سوريا، رأس مال مليون ليرة سوري
1930: شركة مصر للنقل والشحن، رأس مال 160,000 جنيه
1932: شركة المصنوعات المصرية، رأس مال 5,000 جنيه
1932: شركة مصر للطيران، رأس مال40,000 جنيه
1934: شركة مصر للسياحة، رأس مال7,000 جنيه
1934: شركة مصر للتأمين كأول شركة تأمين برأس مال مصرى وإدارة مصرية
1934: شركة المصريون للجلود والدباغة
1935: شركة مصر للمناجم والمحاجر، رأس مال 40,000 جنيه
1937: شركة مصر لصناعة وتكرير البترول، رأس مال 30,000 جنيه
1938: شركة مصر للصباغة (بالتعاون مع برادفورد)، رأس مال 250,000 جنيه
1940: شركة مصر للمستحضرات الطبية والتجميل، رأس مال 10,000 جنيه
النهضة الفنية
المقالات الرئيسية: مسرح الأزبكية وستديو مصر وسينما مصرية والسينما في الشرق الأوسط
كان طلعت حرب يؤمن بأن تجديد الاقتصاد في مصر في بلد زراعي متخلف لن يتم إلا إذا ازدهرت الثقافة واستنارت العقول بالأفكار الجديدة والثقافة الرفيعة، وكان يؤمن أيضا بأن الثقافة استثمار كبير. لذلك في عام 1930 أنشأ شركة ترقية التمثيل العربي وأقام لها مسرح الأزبكية (المسرح القومي بعد ذلك) لتقدم أعمالها عليه.
ولكن كان الحافز الأساسي الذي دفع طلعت حرب إلى التفكير في إنشاء ستديو مصري هو غلبة العناصر الأجنبية العاملة في هذا الحقل وهو يريده أن يكون مصريا من الألف إلى الياء ولو على مراحل. وفي عام 1925 أنشأ شركة مصر للتمثيل والسينما (ستديو مصر)، ووضع حجر الأساس لبناء ستديو مصر في السابع من مارس عام 1934، وفي الثاني عشر من أكتوبر عام 1935 افتُتح الاستديو في منطقة الهرم بالجيزة.
وقد أنتج ستوديو مصر فيلما قصيرا لمدة عشر دقائق للإعلان عن المنتجات المصرية. كما أنتج نشرة أخبار أسبوعية عن الأحداث في مصر يتم عرضها في دور العرض قبل بداية أي فيلم، بدأ ستديو مصر بإنتاج أول أفلامه بقصة مصرية هي وداد بطولة أم كلثوم وأحمد علام، وإخراج الألماني فريتز كرامب، وقد مثل الفيلم مصر لأول مرة في مهرجان فينيسيا الدولي السينمائي (1936). ولكي توفر الشركة الخبرات الوطنية أوفدت كوكبة من الشباب المصري لينهلوا من منابع الفن في أوروبا وليكونوا دعامة قوية تقوم بها صناعة السينما في مصر على أساس من العلم والخبرة والمران، ففي عام 1933 انطلقت أول بعثة سينمائية إلى الخارج وتتكون من أربعة أفراد هم: أحمد بدرخان وموريس كساب لدراسة الإخراج في باريس، ومحمد عبد العظيم لدراسة التصوير في برلين، وتبعهم حسن مراد لدراسة فنون إعداد الجرائد السينمائية في فرنسا وإيطاليا وألمانيا، وانضم إليهم بعد ذلك المصريون الذين يدرسون السينما بالخارج على نفقتهم الخاصة ومنهم نيازي مصطفى ومصطفى والي، وقد عين الممثل المعروف في ذلك الوقت أحمد سالم أول مدير للاستديو. أكد طلعت حرب على أهمية السينما وخطورة دورها عندما قال:
طلعت حرب إننا نعمل بقوة اعتقادية وهي أن السينما صرح عصري للتعليم لا غنى لمصر عن استخدامه في إرشاد سواد الناس طلعت حرب
—طلعت حرب،
استقالته
على الرغم من النجاح الذي حققه بنك مصر والإنجازات الاقتصادية التي قام بها، إلا أن الأزمات المفتعلة من قبل سلطات الاحتلال الإنجليزي وبوادر بدء الحرب العالمية الثانية أدت إلى حالة من الكساد الاقتصادي ودفعت المخاوف الكثيرين لسحب ودائعهم لدى بنك مصر مما تسبب في أزمة سيولة، ومما زاد الأزمة سحب صندوق توفير البريد لكل ودائعه من البنك، ورفض المحافظ الإنجليزي لبنك الأهلي وقتها أن يقرضه بضمان محفظة الأوراق المالية، وعندما ذهب طلعت حرب إلى وزير المالية حينذاك حسين سري باشا لحل هذه المشكلة، وطلب منه إما أن تصدر الحكومة بيانا بضمان ودائع الناس لدى البنك، أو أن تحمل البنك الأهلي على أن يقرض بنك مصر مقابل المحفظة، أو أن تأمر بوقف سحب ودائع صندوق توفير البريد، إلا أن حسين سري رفض ذلك بإيعاز من علي ماهر باشا بسبب قيام طلعت حرب بمساندة خصمه النحاس باشا من قبل، واقترح الوزير حلا لهذه الأزمة لكنه اشترط تقديم طلعت حرب لاستقالته، فقبل على الفور هذا الشرط من أجل إنقاذ البنك، وقال كلمته المشهورة:
طلعت حرب مادام في تَرْكي حياة للبنك فلأذهب أنا وليعيش البنك. طلعت حرب
—
وفاته
الملك فؤاد يجلس في السرادق المقام بشركة غزل ونسيج القطن بالمحلة الكبرى حيث كان يستمع إلى خطبة طلعت حرب
عقب استقالته من إدارة بنك مصر، انتقل طلعت حرب للعيش في قرية العنانية، في مركز فارسكور بدمياط، حيث عاش بعيداً عن الأضواء، وتوفي في الثالث عشر من أغسطس عام 1941 عن عمر يناهز 74 عامًا بالقاهرة. أُقيمت جنازته بمنزله الموجود في شارع رمسيس. حضر الجنازة كل من: مندوب الملك ومصطفى النحاس باشا رئيس الوزراء والعديد من الشخصيات السياسية مثل: أحمد ماهر باشا وأحمد حسنين باشا وشيخ الأزهر مصطفى المراغي ووكيل بطركية الأقباط ومفتي الديار المصرية وشيخ المشايخ الصوفية. والعديد من كبار الموظفين الحكومة والمفوضيات الأجنبية وأعضاء مجلس إدارة وموظفي بنك مصر. كما نعاه العديد من الشعراء بقصائد رثاء مثل عباس العقاد وإحسان عبد القدوس وصالح جودت وأمير الشعراء أحمد شوقي.
الخلاف مع قاسم أمين
في عام 1898 كانت بداية قاسم أمين نحو تحرير المرأة والدعوة لفك القيود التي تغل حريتها من وجهة نظره، وأصدر كتاب تحرير المرأة حيث لقي هذا الأخير معارضة شديدة من البعض وأبرزهم مصطفى كامل وطلعت حرب الذي قال: «أول شيء طرأ على ذهننا حين قرأنا الكتاب _ تحرير المرأة _ ورأينا الناس أخذت تسلق حضرة المؤلف بألسنة حداد ويحملون عليه وعلى كتابه حملات لم نتعودها على مؤلف غيره من قبل أنه لا بد في الأمر من شيء مهم حمل الناس على ذلك إذ لا يمكن أن يجتمع كل الناس على ضلالة فأخذنا نسأل ونتساءل ونبحث ونتناظر حتى علمنا أن هياج الرأي العام على حضرة المؤلف ناتج مما هو راسخ في أذهانهم من أن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوروبا من قديم الزمان لغاية في النفس يدركها كل من وقف على مقاصد أوروبا بالعالم الإسلامي» ثم يقول: «إن الدين الإسلامي لا يمنع مطلقا من تعليم المرأة وتربيتها وتهذيبها بل هو يحض على ذلك ويأمر به»، وأصدر طلعت حرب كتابه تربية المرأة والحجاب رداً على كتاب قاسم أمين، وبعد عامين صدر الكتاب الثاني لقاسم أمين المرأة الجديدة قام طلعت حرب بالرد عليه وإصدار كتابا آخر بعنوان (فصل الخطاب في المرأة والحجاب) والذي أشاد به الزعيم مصطفى كامل في مقالاته المنشورة بجريدة اللواء.
لم تكن خصومته الفكرية مع قاسم أمين على قضية التحرير الأدبي للنساء وإنما كانت تتمركز حول مخاطر هذه الطفرة الطارئة التي لا مبرر لها في حياة النساء وما وراء هذه الطفرة من شر قد يستغله الدخلاء لتحقيق مصالح مادية ومعنوية، خاصة وأنه يعتبر أن قاسم أمين قد انطلق في قضية تحرير المرأة من المرجعية الغربية التي تسعى للنيل من الهوية الإسلامية.
دوره في قضية المرأة
طلعت حرب وهدى شعراوي عام 1933 بمطار ألماظة في حفل تكريم أول طيارة مصرية لطفية النادي
بالرغم من موقف طلعت حرب من دعوات قاسم أمين وكتاباته، إلا أن نقطة الخلاف كانت في فكرة السفور الذي كان يعتبره البعض عائقاً لحرية المرأة وطالب بإزالته، فكان طلعت حرب يعتبر أن القضية الرئيسية لا تتعلق بحجاب المرأة إنما في تعليمها والتي أشار إليها في كتاب تربية المرأة والحجاب ، وبالرغم من أفكار طلعت حرب التي أعتبرها البعض نوعاً من الرجعية إلا أن البعض وصفها بأنها تميل إلى الاعتدال.
في أبريل من عام 1928 قام الاتحاد النسائي بالاحتفال بالذكرى العشرينية لذكرى قاسم أمين بمسرح حديقة الأزبكية، وتم دعوة طلعت حرب لها وقبل الدعوة، وعند وصوله للحفل ورغم حسن التنظيم إلا أنه سأل المنظمين «وأين أماكن النساء؟»، وهو ما فسره المفكرون أن طلعت حرب ليس لديه اتجاهات سلبية نحو نشاطات المرأة، إنما كان يستهدف المحافظة على العادات والثوابت الموجودة بالمجتمع، واستشهدوا بقرار طلعت حرب بضرورة المشاركة النسائية الدائمة في جميع حفلات بنك مصر واجتماعاته.
كذلك عقب إنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما (ستديو مصر) كانت أولى المشاركات نسائية وأبرزهم: أم كلثوم وأسمهان وفاطمة اليوسف وعزيزة أمير، وفي عام 1932 بعد أن قام طلعت حرب بتأسيس مدرسة الطيران، التحقت بها الآنسة عصمت فؤاد بتشجيع عمها الذي توسط لها عند طلعت حرب، كذلك التحقت به لطفية النادي والتي استطاعت الحصول على إجازة الطيران في عام 1933 لتصبح أول فتاة مصرية عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة، وثاني امرأة في العالم تقود طائرة منفردة، والتي قام طلعت حرب فيما بعد بتكريمها.
إنتاجه الأدبي ومؤلفاته
غلاف كتاب: فصل الخطاب في المرأة والحجاب
قام طلعت حرب بنشر العديد من الكتب، كانت أولها كتب تتعلق بالدفاع عن الهوية الإسلامية في العقد الأخير للقرن التاسع عشر وهي: «كلمة حق على الإسلام والدولة العلية»، «تاريخ دول العرب والإسلام». وفي خضم معركته الأدبية والفكرية مع قاسم أمين أصدر كتابي: تعليم «المرأة والحجاب» (1898) وفصل الخطاب في المرأة والحجاب (1900). كما أصدر كتاب «مصر وقناة السويس» عام 1908، للتصدي لمحاولات الاستعمار لتمديد عقد امتياز قناة السويس، وفي عام 1911 أصدر كتاب «علاج مصر الاقتصادي»، كما صدر أيضا لطلعت حرب كتب منوعة وهي: «غاية الأدب في صناعات شعر العرب» و«البراهين البينات على وجوب تعليم البنات».
كما تم تجميع جميع خطابات طلعت حرب في كتاب أطلق عليه: «خطب طلعت حرب» نشرته مطبعة مصر عام 1927. كما كان لطلعت حرب بعض الإسهامات الشعرية، وصدر له عدد من المقطوعات والقصائد منها: قصيدة في تهنئة السلطان عبد الحميد الأفخم (كتبها عام 1897)، وقصيدة في تهنئة محمود رياض باشا (1941)، وقصيدة مطلعها: «صرحت بالقصد والمحبوب قد كنى» (1941).
أوسمة وجوائز
في عام 1931 منحه الملك فؤاد الأول لقب صاحب السعادة ورتبة باشا عقب افتتاح شركة مصر لغزل القطن والنسيج بالمحلة الكبرى. كما قام ملك السعودية الراحل الملك عبد العزيز آل سعود بإهداء طلعت حرب كسوة باب الكعبة الشريفة عام 1937، تقديرا لجهوده في إقامة المشروعات التنموية بالمملكة آنذاك. وفي عام 1980 وفي الذكرى الستين لتأسيس بنك مصر تم تكريم اسم طلعت حرب حيث قام الرئيس الراحل محمد أنور السادات منح طلعت حرب قلادة النيل العظمى تكريما لمجهوداته العظيمة في الاقتصاد المصري.
حياته الشخصية
تزوج طلعت حرب في بداية شبابه، ولكن زوجته توفيت في سن مبكرة ولم يتزوج بعدها، وله ابن واحد (حسن) توفي في مطلع شبابه، إضافة إلى أربع بنات: فاطمة (توفيت عام م 1976م) وعائشة (توفيت عام 1988م) وخديجة (توفيت عام 1997م) والصغرى هدى (توفيت عام 1996م). أما أحفاده وحفيداته فقد عملوا في شتى المجالات من أبرزهم: السفير جلال عزت الذي كان سفيرا لمصر في الفاتيكان وهولندا (توفي عام 2006).!!
Discussion about this post