فى مثل هذا اليوم 7 ديسمبر1919م..
وصول «لجنة ملنر» إلى مصر والتي تهدف إلى التحقيق بأسباب اندلاع الثورة والتي عرفت باسم ثورة 1919.
ثورة 1919 كانت سلسلة من الاحتجاجات الشعبية على السياسة البريطانية في مصر عقب الحرب العالمية الأولى، بقيادة الوفد المصري الذي كان يرأسه سعد زغلول ومجموعة كبيرة من السياسين المصريين، كنتيجة لتذمّر الشعب المصري من الاحتلال الإنجليزي وتغلغله في شؤون الدولة بالإضافة إلى إلغاء الدستور وفرض الحماية وإعلان الأحكام العرفية وطغيان المصالح الأجنبية على الاقتصاد. بدأت أحداث الثورة في صباح يوم الأحد 9 مارس 1919، بقيام الطلبة بمظاهرات واحتجاجات في أرجاء القاهرة والأسكندرية والمدن الإقليمية. تصدت القوات البريطانية للمتظاهرين بإطلاق الرصاص عليهم، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. استمرت أحداث الثورة إلى شهر أغسطس وتجددت في أكتوبر ونوفمبر، لكن وقائعها السياسية لم تنقطع واستمرت إلى عام 1922، وبدأت نتائجها الحقيقية تتبلور عام 1923 بإعلان الدستور والبرلمان.
في أبريل 1919، فكرت الحكومة البريطانية في حل لمشكلة الثورة المصرية وتفاديها، فأقتُرح إيفاد لجنة كُبرى إلى مصر للتحقيق في اسبابها. أعلنت الصُحف البريطانية أن اللجنة ستُسَافر في خريف 1919، الأمر الذي زاد من سخط المصريين، كون تمسك بريطانيا بالحماية. مُهد لقدوم اللجنة في أوائل سبتمبر، حيث صدرت الأوامر إلى المصالح الحكومية بإعداد تقارير وإحصائيات عن الوضع المصري، وإرسال نشرات للأعيان تحوي على أسئلة بخصوص دوافع الثورة. في 22 سبتمبر 1919، أعلنت لندن عن تشكيل لجنة برئاسة اللورد الفريد ملنر وزير المستعمرات حينها.
الاحتجاج على لجنة ملنر
24 أكتوبر: في القاهرة، تظاهر المصريين احتجاجًا على قدوم اللجنة فتصدت لهم الشرطة، وفي الأسكندرية خرج المصلون من جامع المرسي أبى العباس في مظاهرات ضخمة فتصدت لهم الشرطة وأستعانت بقوات الجيش الإنجليزي، فقتل 5 وجرح نحو 40 شخصًا.
31 أكتوبر: خرجت تظاهرة كبرى في الأسكندرية، فاقتحمت سيارة للجيش الإنجليزي الجموع، فصدمت من صادفته. ثار المتظاهرين على الجنود، فأطلق الجنود النيران على المُتظاهرين، فقتل 4 وجرح 40 شخصًا. صدر قرار من مجلس الوزراء في 5 نوفمبر بمنع التظاهرات.
14 نوفمبر: نشرت دار الحماية بلاغًا رسميًا أعلنت قرب قدوم لجنة ملنر وحددت مُهمتها بأقتراح نظام سياسي يُلائم مصر تحت الحماية البريطانية. أصدر الحزب الوطني ردًا على البيان أعلن فيه سياسة عدم المفاوضات مع المُحتلين. أُذيع بيان من لجنة الوفد المركزية، بضرورة تمسُك المصريين بحقوقهم، وضرورة جهادهم الوطني.
16-15 نوفمبر: اندلعت مُظاهرات في بالقاهرة والأسكندرية، وتوجهت مظاهرات القاهرة إلى ميدان عبدين تهتف بالاستقلال وسقوط لجنة ملنر. حاولت قوة من الجيش المصري تفريق المُتظَاهرين، ما أدى إلى هجوم المتظاهرين على قسم شرطة عابدين والموسكي وتمت حصارهم. استدعت الحكومة الجيش البريطاني للتدخل، فوقعت معركة دامية وقتل 13 وجرح 79 مصريًا. وفي الأسكندرية اعترضت القوات البريطانية التظاهرات وقتل اثنين من المتظاهرين. وكذلك قامت تظاهرات كبرى في طنطا والمنصورة وشبين الكوم. قدم محمد سعيد رئيس الوزراء استقالته، مسببًا إيها إلى عدم موافقته على حضور لجنة ملنر. استبقى السلطان فؤاد الاستقالة حتى يُشكل وزارة جديدة.
21 نوفمبر: شُكلت وزارة يوسف باشا وهبة (القبطي)، وكان معظم الوزراء من الحكومة السابقة. قوبل التشكيل بسخط عام، حيث أنها أتت بعد بلاغ دار الحماية فدل ذلك على إقرارها بالسياسة البريطانية في الحماية على مصر. أقام الأقباط في الكنيسة المُرقسية الكبرى، وأعلنوا سخطهم على وهبة باشا. عقدت الجمعية العمومية للمحامين وقرروا الأضراب احتجاجًا على لجنة ملنر.
وصلت لجنة ملنر إلى بور سعيد، في 7 ديسمبر، واستقلوا قطارًا إلى القاهرة، وكانت الحراسة مشددة على القطار وتحرسه خمس طائرات حربية. تجددت الاحتجاجات على قدوم اللجنة فأضرب الطلاب وقاموا بمظاهرة كُبرى في 9 ديسمبر.
11 ديسمبر: قامت مظاهرة من طلبة الأزهر، وكان من المخطط لهم السير إلى دور معتمدي الدول (السفراء)، هاجمت القوات الإنجليزية فتفرقوا وعادوا إلى ميدان الأزهر. دخل الكثير من المتظاهرين إلى المسجد الأزهر، فدخل ورائهم الجنود الإنجليز بالأسلحة، واعتدوا على المتظاهرين داخل المسجد. وقع كبار علماء الأزهر على بيان احتجاجًا على الأحداث أرسل إلى السلطان فؤاد ويوسف وهبة واللورد اللنبي.
15 ديسمبر: فشلت محاولة لاغتيال يوسف وهبة، فقد ألقى عليه طالب قبطي بكلية الطب قنبلتين فانفجرتا ولم تصبه. تكررت حوادث الاغتيالات للوزراء ففي 28 يناير 1920 ألقى أحد الطلاب قنبلة على إسماعيل سري وزير الأشغال، لكنها لم تصبه. في 22 فبراير، ألقي أحد الطلاب قنبلة على محمد شفيق وزير الزراعة لكنها لم تصبه أيضًا. كذلك في 8 مايو ألقيت قنبلة على حسين درويش وزير الأوقاف لكنها لم تصبه.
; عودة اللجنة إلى لندن
قضت لجنة ملنر في مصر نحو ثلاثة أشهر تدرس فيها أسباب الثورة وتبحث عن علاج لها. غادر اللورد ملنر مصر في 6 مارس 1920. اجتمعت الجمعية التشريعية في بيت الأمة لأول مرة بعد أن عُطلت عام 1914، وأصدرت قرارت ببطلان الحماية الإنجليزية على مصر وطالبت بالاستقلال التام لمصر والسودان. أزعج الاجتماع السلطان البريطانية ما أدي إلى إصدار اللورد اللنبي أمر عسكري بمنع اجتماع الجمعية. في 19 مايو، قدم وهبة استقالته، كنتيجة للسخط المصري على وزارته، فقبلها السلطان في 21 مايو. عُزيا تشكيل الوزارة الجديدة إلى محمد توفيق نسيم وزير الداخلية في وزارة يوسف وهبة، لكنها قوبلت بسخط عام هي الأخرى، والقى أحد الطلبة على سيارة نسيم قنبلة لكنها لم تؤذيه.
مفاوضات الوفد مع لجنة ملنر
دعا اللورد ملنر الوفد المصري في باريس للمجئ إلى لندن للتفاوض مع اللجنة. أوفد الوفد ثلاثة من أعضائة: محمد محمود وعبد العزيز فهمي وعلي ماهر، للتأكد من استعداد الحكومة البريطانية في التفاوض نحو المطالب القومية. استقر رأي الوفد على الذهاب، فوصل في 5 يونيو واستقبله المصريون في لندن بمحطة فكتوريا. جرت أول مقابلة بين الوفد واللورد ملنر في 7 يونيو، وأسفرت المفاوضات عن مشروع للمعاهدة بين مصر وإنجلترا قدمه اللورد ملنر إلى الوفد فرفضه الوفد، ثم قدم الوفد مشروع للجنة لكن رفضه اللورد ملنر وتوقفت المفاوضات. استؤنفت المفاوضات مرة آخرى بوساطة من عدلي يكن، وقدمت لجنة ملنر مشروعًا يشمل على بعض التعديلات اليسيرة دون أي تغير في جوهر المُعاهدة. اجتمع الوفد للبت في قبول أو رفض مشروع المعاهدة، وانتهى بهم الأمر إلى عرض مشروع المُعاهدة على الرأي العام المصري. اصدر الحزب الوطني بيانًا ينصح فيه المصريين برفض المعاهدة. غادر أعضاء الوفد المنتدبين للاستشارة إلى باريس في أكتوبر 1920. قابل الوفد اللورد ملنر وقدموا له تحفظات المصريين على المُعاهدة، فرفض ملنر المناقشة حول هذه التحفظات. غادر الوفد لندن في نوفمبر 1920 ووصل إلى باريس، ومنها أرسل سعد زغلول باشا نداءً إلى المصريين بالاتحاد والتضحية حتى تنال مصر استقلالها. استقال اللورد ملنر في يناير 1921 خلفه في منصبه ونستون تشرشل كوزير للمستعمرات، وأدلى بأولى تصريحاته والذي عد فيه مصر جزءًا من الإمبراطورية البريطانية المرنة، ما أثار عاصفة من الاحتجاجات في مصر.
ووصلت اللجنة إلى مصر «زي النهارده» في ديسمبر ١٩١٩ وظلت تروج لفكرة الحكم الذاتى لمصر، غير أن الشعب ثار ضد اللجنة لتجاوزها لزعيم الثورة (سعد زغلول) وقاطعها الشعب ونظمت اللجنة المركزية للوفد بالقاهرة حركة مقاطعة للجنة واستقال محمد سعيد باشا، رئيس الوزراء، وحاول اللنبى ضرب الوحدة الوطنية بتشكيل وزارة برئاسة «يوسف وهبة» باشا (القبطى)، فاجتمع كبار الأقباط بالكنيسة المرقسية، وأعلنوا أن قبول «يوسف وهبة» تشكيل الوزارة خروج على إجماع الأمة.
واجتمعت كلمة لجنة الوفد على انتخاب «مرقس حنا» وكيلا للوفد ورئيسا للجنة المركزية، ورغم هذه المقاطعة التامة للجنة قامت اتصالات بينها وبين بعض الساسة وكانت كلما فتحت جسورا للحوار مع أي طرف ووجهت بعبارة «اسأل سعد» فأسقط في يد اللجنة ولم تجد مفرا من التفاوض مع سعد زغلول وانتهت المفاوضات بينها وبين سعد بالفشل.!!!!!
Discussion about this post