فى مثل هذا اليوم13ابريل1250م..
المسلمون بفارسكور ينجحون في إلحاق الهزيمة بالصليبيين في حملتهم السابعة، وأسر لويس التاسع ملك فرنسا.
أعد الملك الفرنسي لويس التاسع برفقة إخوته كارلو الأول أنجو وروبرت دي أرتوا حملة صليبية جديدة على مصر بدعم كامل من البابا إنوسنت الرابع خلال مجمع ليون الأول. تمثلت أهداف هذه الحملة في هزيمة مصر وتدمير الأسرة الأيوبية في مصر وسوريا واستعادة القدس من المسلمين الذين استعادوها في 1244.
دخلت السفن المياه المصرية ونزلت قوات الحملة الصليبية السابعة في دمياط في يونيو 1249. وعليه أرسل لويس التاسع رسالة تهديد إلى الصالح أيوب، سلطان مصر الأيوبي. تراجع الأمير فخر الدين يوسف قائد الحامية الأيوبية بدمياط إلى معسكر السلطان في أشموم طناح. ظناً منه أن السلطان مات، مما تسبب في حالة من الذعر بين سكان دمياط الذين فروا من المدينة تاركين الجسر الذي يربط دمياط بالضفة الغربية على النيل سليماً.
قرر لويس السير إلى القاهرة بعد احتلاله لميناء دمياط المصري في يونيو 1249، متشجعاً بوصول تعزيزات بقيادة شقيقه الثالث ألفونس دي بواتييه ونبأ وفاة الصالح أيوب. نجح الفرنجة في عبور قناة أشموم (المعروفة اليوم باسم البحر الصغير) وشنوا هجوماً مفاجئاً على المعسكر المصري في قرية جديلة، على بعد 3 كيلومترات (2 ميل) من المنصورة. تراجعت القوات المصرية في المعسكر، التي فوجئت بالهجوم، إلى المنصورة وتقدم الصليبيون نحو المدينة. انتقلت قيادة القوة المصرية إلى فارسي المماليك فارس الدين أقطاي وبيبرس البندقداري الذين نجحوا في إعادة تنظيم القوات المنسحبة. وافقت شجر الدر التي تولت شؤون البلاد، لحين عودة توران شاه من الشام، على خطة بيبرس للدفاع عن المنصورة. أمر بيبرس بفتح إحدى البوابات للسماح لفرسان الصليبيين بدخول المدينة. اندفع الصليبيون إلى المدينة التي ظنوا أن أهلها قد هجروها ليجدوا أنفسهم محاصرين بداخلها من جميع الجهات من قبل القوات المصرية وأهالي المدينة فتكبدوا خسائر فادحة. كان روبرت دي أرتوا (شقيق لويس التاسع) الذي لجأ إلى منزل وويليام من سالزبوري من بين قتلى ذلك اليوم في المنصورة. فيما نجا خمسة فرسان فقط من المعركة. أُجبر الصليبيون على التراجع في حالة من الفوضى إلى جديلة حيث خيموا داخل خندق وجدار. شنت القوات الإسلامية هجوماً على معسكر الفرنجة في وقت مبكر من صباح 11 فبراير. أُجبر الفرنجة على البقاء في معسكرهم فيما عانوا من حرب عصابات مرهقة لأسابيع عديدة. خلال ذلك أُسر العديد من الصليبيين ونُقلوا إلى القاهرة.
وصل السلطان الجديد توران شاه إلى مصر من حصن كيفا في 27 فبراير، وتوجه مباشرة إلى المنصورة لقيادة الجيش المصري. نُقلت السفن مفككة فوق الجِمال براً وأُنزلت إلى النيل (في بحر المحلة) خلف سفن الصليبيين لقطع خط التعزيزات من دمياط ومحاصرة القوة الصليبية للملك لويس التاسع. استخدم المصريون النار الإغريقية ودمروا أو استولوا على العديد من السفن ومراكب الإمداد. سرعان ما عانى الصليبيون المحاصرون من الهجمات المدمرة والمجاعة والأمراض. فقد بعض الصليبيين إيمانهم وانشقوا إلى جانب المسلمين.
اقترح الملك لويس التاسع على المصريين تسليم دمياط مقابل القدس وبعض البلدات على الساحل السوري. كان المصريون مدركين لوضع الصليبيين المذري، لذلك رفضوا عرض الملك المحاصر. أخلى الصليبيون معسكرهم في 5 أبريل، مستغلين الظلام، وبدأوا بالفرار شمالًا باتجاه دمياط. لكنهم أهملوا تدمير جسر عائم أقاموه فوق القناة في حالة ذعرهم وتسرعهم. عبر المصريون القناة فوق هذا الجسر وتبعوهم إلى فارسكور حيث دمروا الصليبيين تماماً في 9 أبريل. وقُتل آلاف الصليبيين أو أُسروا. كما أُسر الملك لويس التاسع وعدد قليل من نبلائه الذين نجوا في قرية منية أبي عبد الله القريبة (ميت الخولي عبد الله حالياً) التي لجأوا إليها. استسلم لويس التاسع لخصي يدعى الطواشي جمال الدين محسن الصالحي بعدما وعده أنه لن يُقتل. ثم نُقل مع شقيقيه كارل دي أنجو وألفونس دي بواتييه إلى المنصورة حيث سُجن فيها، في دار القاضي إبراهيم بن لقمان، مقيداً بالسلاسل وتحت حراسة خصي آخر اسمه الطواشي صبيح المعظمي. ويُذكر أن قلنسوة الملك لويس عُرضت في سوريا. وقد بُني معسكراً خارج المنصورة لإيواء الآلاف من أسرى الصليبيين، بينما استُخدمت دار ابن لقمان كسجن للويس التاسع والنبلاء.
نتائجها
تسببت هزيمة الصليبيين وأسر الملك لويس التاسع في فارسكور في حالة صدمة في فرنسا. كان الصليبيون ينشرون معلومات مضللة في أوروبا، زاعمين أن لويس التاسع قد هزم سلطان مصر في معركة كبيرة وأن القاهرة سُلمت إلى يديه عبر الخيانة. لكن عندما وصل نبأ هزيمة الفرنسيين إلى فرنسا، حدثت حركة هيستيرية تسمى حملة الرعاة الصليبية في فرنسا.
بلغت فدية لويس التاسع 400 ألف دينار. سُمح له بالمغادرة في 8 مايو 1250، بعد أن تعهد بعدم العودة إلى مصر مرة أخرى وتسليم دمياط للمصريين، واتجه إلى عكا مع إخوته و12000 سجيناً من رفاقه، بما في ذلك سجناء بعضاً من المعارك القديمة، والذين وافق المصريون على إطلاق سراحهم. فيما أُعدم العديد من السجناء الآخرين. عانت زوجة لويس، الملكة مارغريت دي بروفانس، من الكوابيس. حيث أفزعتها أخبار (أسر زوجها) كثيراً، لدرجة أنها في كل مرة تغفو، تتخيل أن حجرتها وقد امتلئت بالمسلمين الملتحين، وكانت تصرخ: «النجدة! النجدة!». وقد رحلت إلى عكا قبل أيام قليلة مع ابنها المولود في دمياط المسمى جان تريستان (جان الحزين).
يصادف العيد القومي لمحافظة دمياط، ذكرى طرد لويس التاسع من مصر يوم 8 مايو 1250.
كانت معركة فارسكور آخر المعارك الكبرى للحملة الصليبية السابعة. وقعت في 8 أبريل 1250 (الموافق 27 ذو الحجة 647 هـ) بين الصليبيين بقيادة الملك لويس التاسع ملك فرنسا (القديس لويس لاحقاً) والقوات المصرية بقيادة توران شاه من سلاطنة الأسرة الأيوبية.
كانت المعركة بمثابة النهاية للحملة الصليبية السابعة وكان تأثيرها مدوياً، فقد أسفرت عن هزيمة كاملة للجيش الصليبي وأسر لويس التاسع وعدداً من إخوته وكبار قادته، بعدما هُزموا من قبل في معركة المنصورة. بعدها لم يحاول الصليبيون شن أي حملات جديدة على مصر. جدير بالذكر أن فارسكور شهدت أيضاً معركة سابقة هُزم فيها الصليبيون خلال الحملة الصليبية الخامسة.
انتهت الحملة الصليبية السابعة في فارسكور في 1250، لتسجل نقطة تحول تاريخية لجميع الأحزاب الإقليمية الموجودة في ذلك الوقت. هزمت مصر حملة لويس الصليبية وأثبتت أنها قلعة الإسلام وحصنه. كانت الحملة الصليبية السابعة آخر هجوم كبير شنه الصليبيون على مصر. لم يستطع الصليبيون استعادة القدس، وبدأ ملوك أوروبا، باستثناء لويس التاسع، يفقدون اهتمامهم بشن حملات صليبية جديدة. ولكن بعد معركة فارسكور بوقت قصير، اغتيل السلطان الأيوبي توران شاه في فارسكور نفسها، وأصبح المماليك، نفس أبطال المنصورة، حكام مصر الجدد. أصبحت خريطة القوة في حوض البحر الأبيض المتوسط الجنوبي والشرقي مقسمة إلى أربع مناطق سيطرة رئيسية: مصر المملوكية، وسوريا الأيوبية، وعكا الفرنجية، ورؤساء الثغور المسيحية السورية، والدولة المسيحية الشامية بأرمينيا القيليقية. بينما تحول مماليك مصر والأيوبيون في سوريا إلى خصمين متنازعين، تحالف الفرنجة والأرمن القيليقيون بالإضافة إلى إمارة أنطاكية. كانت جيوش المغول، الذين اندفعوا فجأة من السهوب الأوراسية، تتجه غرباً حتى نهر أودر والشاطئ الشمالي الشرقي للبحر الأدرياتيكي بحلول 1241 وخلال معركة فارسكور كانوا يتوغلون في عمق جميع المناطق المجاورة.!!