في مثل هذا اليوم28 يوليو1402م..
الخاقان المغولي تيمورلنك ينتصر على العثمانيين في معركة أنقرة.
معركة أنقرة (بالتركية: Ankara Muharebesi)، وقعت بين الدولة العثمانية والدولة التيمورية في 20 أو 28 يوليو/تموز 1402م الموافق 11 أو 19 ذي الحجة 804 هـ وفقًا لمصادر مختلفة، وذكر تقي الدين المقريزي وابن إياس الحنفي أن القتال صار يوم الأحد 5 من المحرم 805 هـ وهو يوافق الجمعة 13 أغسطس/آب 1402م، وهي أكبر معارك القرون الوسطى من حيث حجم الجيشين والنتائج. جرت أحداث المعركة في سهل چوبوك (بالتركية العثمانية: چبق اوه سى)(بالتركية: Çubuk Ovası) إلى الشمال الشرقي من أنقرة بين قوات القائد المغولي الأمير تيمورلنك بن طرقاي (9 أبريل/نيسان 1336م – 19 فبراير/شباط 1405م)، الفاتح المغولي التركي المتجبر الذي أسس الإمبراطورية التيمورية على الغزو والنهب وسفك الدماء، وبايزيد الأول (ق. 1360م – مارس/آذار 1403م) سلطان الدولة العثمانية. انتصر تيمورلنك وأسر السلطان بايزيد الذي توفي بعد فترة قصيرة في الأَسْرِ، فدخلت من بعده الدولة العثمانية فترة عاصفة من 20 يوليو/تموز 1402م مدة أحد عشر عامًا من الحرب الأهلية والافتقار إلى النظام، تُعرف باسم “عهد الفترة العثماني” التي كادت أن تقضي على استمرار الدولة العثمانية، حيث استقلّ بعض أبناء السلطان بايزيد الأول ببعض أراضي الدولة العثمانية وانفصلوا بها وسط تجاذبات سياسية ومكائد من تيمورلنك ومن البيزنطيين، وتوقفت الفتوحات العثمانية إلى أن أعاد السلطان محمد الأول ابن السلطان بايزيد الأول توحيد الدولة العثمانية مرة أخرى في 5 يوليو/تموز 1413م لتستمر مسيرة الدولة العثمانية.
أراد تيمورلنك تسوية قضية الأناضول التي كانت تمثل خطرًا كبيرًا عليه، قبل أن يتوجه إلى الشرق بسبب وفاة الإمبراطور الصيني هناك. تلقى تيمورلنك تعزيزات عسكرية من قواته الموجودة في آسيا الوسطى، وأرسل مبعوثاً من تبريز في 13 مارس/آذار 1402م إلى السلطان بايزيد ببعض المطالب التي يصعب قبولها، من أجل وضع مسؤولية الحرب على السلطان بايزيد حين يرفض تلك المطالب. كان من بين طلبات تيمورلنك: عودة قلعة كِماخ إلى مُطّهَرْتَن حاكم إرزنجان السابق، وإرجاع أراضي أمراء الأناضول التي كان السلطان بايزيد قد فتحها وضمها للدولة العثمانية إلى أولئك الأمراء، وكانت تلك الفتوحات قد تمت مبكرا في أعوام 1390م/1391م، وقبول القبعة المخروطية والحزام الذي أرسله إليه مع أحد الأمراء كعلامة على خضوع السلطان بايزيد وإعلان تبعيته إلى تيمورلنك، وتسليم قره يوسف حاكم قره قويونلو وعائلته إلى تيمورلنك. لم يقبل السلطان بايزيد أيًا من هذه الطلبات وأرسل سفراءه في وقت لاحق إلى تيمورلنك بخطاب مُهين، لا يتوافق مع الممارسات الدبلوماسية. وللتعبير عن ازدرائه للفاتح التتري، وضع السلطان بايزيد اسمه في الرسالة بأحرف ذهبية، ووضع أسفل منه اسم تيمورلنك بأحرف صغيرة سوداء، وقال أنه يعرف أن هذا القول يدفع تيمورلنك إلى مهاجمه بلاده؛ مما أثار تيمورلنك بشدة. وفقًا لبعض السجلات الأخرى، فإن الهدايا التي أرسلها السلطان بايزيد يلدريم أزعجت تيمورلنك أيضًا، لأن مقدار كل هدية من الهدايا كان ينبغي أن يكون عشرة قطع كما هو العُرف، ولكن بما أن العدد المقبول عند الأتراك هو تسعة، فإن السلطان بايزيد أرسل تسعة هدايا بدلا من عشرة. بعد أن قرأ تيمورلنك الخطاب تحدث مع السفراء محذراً: «النصيحة التي أُقدمها لبايزيد لا جدوى منها وإن على بايزيد، الذي لم يفِ بمطالبه، أن ينتظرني بصبر وأن يكون مستعدًا لانتقامي منه»، ولم يتخل تيمورلنك عن مطالبه السابقة التي أرسلها إلى السلطان بايزيد. علم تيمورلنك لاحقاً أن السلطان بايزيد قد تحرك بجيشه، فقرر تيمورلنك القتال وجمع كل جيوشه واتخذ إجراءاته لغزو الأناضول.
تعددت الخيانات وتبدلت الولاءات في الجيش العثماني أثناء المعركة لصالح تيمورلنك، وتحول التتار السود من صف العثمانيين إلى جانب تيمورلنك وكانوا يشكلون ثلثي الجيش العثماني، وغادرت قوات عثمانية ساحة المعركة لإنقاذ ما تبقى من الجيش. فقد غادر كلا من الصدر الأعظم علي پاشا الچاندارلي وأغا الإنكشارية «حسن آغا» الجيش العثماني في وسط المعركة مع قواتهما بدون صدور أوامر لهما بعدما رأوا الغلبة ظاهرة للجيش المغولي وتعداده. وغادر ساحة المعركة أيضاً أبناء السلطان بايزيد: سليمان چلبي ومحمد چلبي وعيسى چلبي مع قواتهم.
هذه الهزيمة وضعت حياة الدولة العثمانية في خطر وأدت إلى تفككها مؤقتًا، واستولت قوات تيمورلنك على مناطق واسعة من الدولة العثمانية التي كانت تمتد من شواطئ نهر الدانوب إلى أرضروم وحلب، واستولت قوات تيمورلنك على كامل خزينة الدولة العثمانية في العاصمة العثمانية بورصة ودمرت الأرشيفات والسجلات والوثائق العثمانية التي كانت تُحفظ فيها حتى ذلك الحين.
بعد وفاة السلطان بايزيد في آق شهير بأربعة أيام، تُوفي محمد سلطان ميرزا حفيد تيمورلنك الأعزّ، الذي كان أحد قادة معركة أنقرة وقام بنهب وإحراق العاصمة بورصة. حزن تيمورلنك بمرارة على وفاة حفيده ومن هذه اللحظة نسي كل شيء عن العثمانيين وغادر آسيا الصغرى، وخلال عامين توفي تيمورلنك بسبب الحُمَّى أثناء رحلته لغزو الصين ودُفن في سمرقند في تابوت من خشب الأبنوس.
قال المؤرخ العثماني مصطفى الجنَّابي إن تيمورلنك أطلق سراح السلطان بايزيد قبل ثلاثة أيام من وفاته.
تُعَدُّ معركة أنقرة واحدة من أكبر الحروب التي وقعت بين دولتين مسلمتين في التاريخ التركي. انهارت الوحدة التركية التي تأسست بعد صراعات طويلة في الأناضول، وتعطلت حركة الفتوحات الإسلامية ولاسيما محاولات فتح القسطنطينية الذي تأخر قرابة نصف قرن بعد هذه المعركة، وعادت الإمارات الأناضولية بعد المعركة إلى تفرقها مرة أخرى بعد وَحدتها، ونهبت الجيوش التيمورية المدن وتعطل النظام الذي وضعه العثمانيون.
وعلى هذا فإنه ليس صحيحا أن ننظر إلى هزيمة أنقرة ونعد من خلالها تقييمات خاطئة عن شخصية السلطان بايزيد التي كانت شخصية مستثناة في التاريخ العثماني، ولعل السبب في خسارة الدولة العثمانية في تلك المعركة لم يكن عدم خبرة السلطان بايزيد، بل إن السبب هو خيانة أمراء الأناضول الذين كانوا في جيشه، وانحيازهم إلى جانب تيمورلنك، وذلك لأن هؤلاء الأمراء كانوا يحرصون على السلطة منذ انهيار الدولة السلجوقية وحتى ذلك اليوم.
وبهذا الاعتبار إذا ما أردنا أن نعقد مقارنة بين تيمورلنك والسلطان بايزيد، نجد أن السلطان بايزيد كان يتفوق عليه بكثير لأن دولة تيمورلنك بالرغم من أنها انتصرت في معركة أنقرة إلا أنها انهارت بعدها بعشر سنوات فقط، وذلك لأن تيمورلنك لم يكن صاحب حضارة تفوق الدولة العثمانية، فلم تتمكن دولته من البقاء بعده وتشتت بعد رحيله، أما الدولة العثمانية التي تركها السلطان بايزيد فقد تمكنت من النهوض من جديد في غضون عشر سنوات، وأصبحت دولة الفتوحات من جديد بما يتفق مع روح الجهاد.
بحسب المؤرخ هربرت آدامز غيبونز، فإن معركة أنقرة لم تؤثر في مصير الأمم كما حدث في معارك قوصوه أو نيقوپوليس، إذ لم تغير مسار التاريخ بشكل كبير.!!!