النصر القريب بإذن الله
بقلم : ماهر اللطيف
– يَجِبُ ألاّ تكون قويا فقط لتنتصر في النهاية ، فقد قال الله تعالى في كتابه الحكيم” كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين” (البقرة 249)
– لكن التجارب أثبتت عكس ذلك، فقد انتهت الحروب العالمية وجل الحروب الأخرى بانتصار الأقوياء
– ومن قال لك أن الأقوى هو الذي انتصر؟ بل من صبر على الأذى وتحمل الظلم والطغيان والضرب والشر وغيرها من المساوئ ،وخطط بروية وحنكة ودراية بعد أن درس نقاط قوة عدوه وضعفه ، ومواطن الخلل والنقص الذي سقط فيها هو، و وفر مستلزمات النصر من عباد وعتاد وقرأ حسابا للزمان والمكان ،وتسلح بالعزيمة والإرادة والثبات والدقة في العمل وغيرها…
كان هذا مقطع من حوار قديم دار بين مثقفين كبيرين في السن والمقام حضرته مع زمرة من الأصدقاء والباحثين عن ذواتنا في فترة الشباب حين كنا مدججين بالمبادئ والقيم الطلابية والجامعية منذ عشرات السنين.
وكانا قد تطرقا إلى موضوع “مقومات النصر ” وجالا بنا في عوالم وأطروحات وبحوث ومراجع كثيرة ومختلفة لم نفهم منها قسطا كبيرا في الحقيقة، لكنهما أبدعا وجلبا اهتمامنا وانتباهنا وجعلانا نحاول قسرا فهم ما ينطقون به ولو بعسر.
المهم، أنهما خلصا في النهاية إلى أن النصر الدائم والسليم هو الذي يعتمد على قوة الإيمان والصبر والتجلد وتحمل الأذى والضيم والظلم وغيرها ، والتسلح بالتوكل على الله وقرآنه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسلفه الصالح ،والثبات والتركيز وانتهاز الفرصة الملائمة للانقضاض على العدو والنيل منه شر نيل تفعيلا لقوله تعالى” إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم” (آل عِمْرَان 160)….
فما الذي جعلني أستنجد بهذا الحوار الآن، وفي هذا الوقت بالذات؟ لماذا ذكرت هذا الجزء دون بقية الأجزاء، وما الغاية من ذلك؟ وأخيرا ، ما العبرة التي أريد أن أدركها وأثبتها هنا لتكون مرجعا لمن يطلع عليها؟…
في الحقيقة، فإن المناسبة جلية للعيان وهي الحرب القائمة بين أهلنا في غزة الحبيبة والصهاينة المستعمرين والمغتصبين ومن والهم من الغرب وحتى العرب والمسلمين ، التي تدور رحاها منذ ما يقارب عن السنة على أراضي فلسطين المنهكة ،أين استشهد عشرات الآلاف من الأبرياء العزل من الرضع والأطفال والنساء والشيوخ وغيرهم ، وعانوا الويلات التي لم يعرفها العالم من قبل عبر تاريخه الحافل بالحروب والمجازر وما شابهها تحت أنظار العالم الذي اكتفى بالمشاهدة ونصرة العدو المدجج بالأسلحة والذخيرة وغيرها ضد شعب أعزل ناضل من أجل حرية أراضيه ومقدساتها…
ومع ذلك ،فقد استبسلت المقاومة وكبدت العدو خسائرا فادحة في الأرواح والعتاد ،ونالت من نفسيات الجنود والقادة والحكام الهشة وفازت عليهم في كثير من الأحيان عبر ما توثقه وتبثه من حقائق ومستجدات وأحداث وعمليات ناجحة تضرب العدو في الأعماق….
لهذا، فإننا ننشد الفوز والنصر الساحق على هذا العدو الغاشم وإن طال الدهر مادامت المقاومة مستمرة وجنودها شامخي الرؤوس رافعي راية الإسلام والنصر ومعتمدين على الله حيثما كانوا في ساحة الوغى هذه غير متوازنة القِوَى والكفة والموازين والداعمين والمعارضين…