في مثل هذا اليوم22 اغسطس1543م..
قوات الدولة العثمانية بقيادة خير الدين بربروس تحاصر مدينة نيس الفرنسية.
حصار نيس عام 1543م، كان جزءاً من الحرب الإيطالية (1542 – 1546م) التي وقعت بين التحالف الفرنسي-العثماني الذي تحالف فيه فرانسوا الأول ملك فرنسا والسلطان العثماني سليمان القانوني من جهة، ضد الإمبراطور الروماني المقدس شارل الخامس وهنري الثامن ملك إنكلترا في الجهة المقابلة، وكانت نيس في ذلك الوقت تحت سيطرة تشارلز الثالث دوق سافوي حليف شارل الخامس ولم تكن جزءاً من فرنسا. يُعتبر هذا الحصار أيضاً جزءاً من حملة خير الدين بربروسا (1543 – 1544م) في البحر الأبيض المتوسط.
الحصار
نشط التعاون البحري في البحر الأبيض المتوسط بين فرنسا والإمبراطورية العثمانية للقتال ضد القوات الإسبانية، بناء على طلب من فرانسوا الأول ملك فرنسا، نقله السفير الفرنسي لدي العثمانيين: أنطوان إسكالان ديزيمار (بالفرنسية: Antoine Escalin des Aimars) إلى السلطان سليمان القانوني. وكان أنطوان سفيرا لدى الدولة العثمانية من 1541م إلى 1547م، ثم أصبح لاحقاً قائد سفن القواديس الفرنسية منذ عام 1544م، ويُعرف أيضا باسم «القبطان بولان» (بالفرنسية: Le Capitaine Paulin) ثم أصبح البارون «دو لا جارد» (بالفرنسية: Baron de La Garde).
نموذج لسفينة القادس الخاصة بخير الدين بربروسا أثناء حملته في فرنسا عام 1543م. موجودة بمتحف إسطنبول البحري.
انضمت القوات البحرية الفرنسية بقيادة فرانسوا دو بوربون (بالفرنسية: François de Bourbon) المعروف باسم «كونت انجيان» (بالفرنسية: Comte d’Enghien) إلى القوات البحرية العثمانية بقيادة خضر بن يعقوب المعروف باسم خير الدين بربروسا، لأول مرة عند مدينة مرسيليا في آب / أغسطس عام 1543م.
على الرغم من أن دوقية سافوي التي كانت مدينة نيس جزءاً منها، كانت محميةً فرنسية لمدة قرن، إلا أن فرانسوا الأول ملك فرنسا أراد مهاجمة مدينة نيس مع القوات المتحالفة معه بالأساس لأن تشارلز الثالث دوق سافوي قد أغضبه بزواجه من بياتريس ابنة مانويل الأول ملك البرتغال، والذي أصبح بزواجه هذا حليفاً لأسرة هابسبورغ الذين كانوا أحد أهم العائلات المالكة في أوروبا والتي اشتهرت بكونها مصدر الأباطرة المنتخبين رسمياً لحكم الإمبراطورية الرومانية المقدسة بين 1438 – 1740م. كان آل هابسبورغ حكام الامبراطوريات النمساوية والأسبانية والعديد من البلدان الأخرى.
وكان القائد البحري الفرنسي فرانسوا دي بوربون قد حاول في السابق الهجوم المفاجئ على نيس مرة واحدة، ولكن صده زعيم المرتزقة أندريا دوريا. فكان هذا الحصار هذه المرة مع حلفائهم من العثمانيين.
بعد الاتفاق بين فرانسوا الأول والسلطان سليمان القانوني، من خلال وساطة السفير الفرنسي في إسطنبول الكابتن بولين (أنطوان إسكالان ديزيمار)، أبحر أسطول عثماني مكوّن من 110 سفينة تحت قيادة خير الدين بربروسا من بحر مرمرة في منتصف مايو 1543م. أغار خير الدين بربروسا على سواحل صقلية وجنوب إيطاليا خلال شهر يونيو، ثم ألقت السفن مراسيها أمام روما عند مصب نهر التيبر في 29 حزيران/يونيو، وأرسل الكابتن بولين كتبه بتأكيدات على أنه لن تكون هناك هجمات ضد روما.
وصل خير الدين بربروسا مع أسطوله، يرافقه السفير الفرنسي الكابتن بولين، إلى «إيل سانت أونورا» (بالفرنسية: Île Saint-Honorat) في 5 تموز/يوليو. لم يكن الجانب الفرنسي قد أعدّ أيّ شئ لمعاونة الأسطول العثماني، فأُوفد الكابتن بولين إلى لقاء مع فرانسوا الأول في «ماروايّ» (بالفرنسية: Maroilles) في أقصي شمال فرنسا ليطلب منه الدعم. وفي الوقت نفسه، ذهب خير الدين بربروسا إلى ميناء تولون في 10 تموز/يوليو ثم إلى ميناء مرسيليا في 21 تموز/يوليو حيث تم استقباله وتشريفه هناك، ولحق بالقوات البحرية الفرنسية التي كانت تحت إمرة حاكم مرسيليا فرانسوا دو بوربون (كونت انجيان).
أبحر الأسطولان العثماني والفرنسي جنبا إلى جنب من مرسيليا في 5 آب/أغسطس.
نزلت القوات العثمانية أولاً في فيلفرانش (بالفرنسية: Villefranche-sur-Mer) التي تبعد 6 كيلومترا إلى الشرق من نيس، وهاجمتها واستحوذت عليها ودمرتها.
ثم تعاونت القوات الفرنسية مع القوات العثمانية لمهاجمة مدينة نيس في 6 آب/أغسطس 1543م، واشترك في هذا الهجوم 110 سفينة عثمانية جنبا إلى جنب مع 50 سفينة فرنسية.
واجهت القوات الفرنسية-العثمانية المشتركة مقاومة شديدة مما أدى إلى ظهور قصة «كاترين سيجورانس» (بالفرنسية: Catherine Ségurane)، وبلغت ذروتها مع معركة كبرى في 15 آب/أغسطس، ولكن المدينة استسلمت نهائيا في 22 آب/أغسطس. قام الفرنسيون بمنع العثمانيين من سلب المدينة، ولكنهم لم يستطيعوا خلال هذا الهجوم الاستيلاء على قلعة نيس «قصر سيمييه» (بالفرنسية: Château de Cimiez) لأن الفرنسيين كانوا غير قادرين على إمداد حلفائهم العثمانيين بكميات كافية من البارود.
دارت معركة أخرى مهمة ضد القلعة في 8 أيلول/سبتمبر، ولكن القوة تراجعت أخيرا عندما وصل خبر تحرك جيش إمبراطوري لملاقاتهم، تحت قيادة الدوق تشارلز الثالث حاكم دوقية سافوي، الذي جمّع جيشاً في بيدمونت لتحرير المدينة.
في الليلة الأخيرة قبل مغادرته، سلب خير الدين بربروسا المدينة وحرّق أجزاء منها وأخذ 5000 أسير. نزل جيش الإغاثة في فيلفرانش بعدما نقلته سفن أندريا دوريا، ونجح في الوصول إلى القلعة.!!!!!