في مثل هذا اليوم9 سبتمبر1543م..
تتويج ماري ستيوارت ابنة الملك جيمس الخامس ـ ذات الأشهر التسعة ـ «ملكة للاسكتلنديين» في مدينة ستيرلنغ في وسط اسكتلندا.
ماري ملكة اسكتلندا (بالإسكتلندية: Mary Stewart) (8 ديسمبر 1542 – 8 فبراير 1587)، وتعرف أيضا باسم ماري ستيوارت أو ماري الأولى، حكمت اسكتلندا في الفترة ما بين 14 ديسمبر عام 1542 حتى 24 يوليو عام 1567.
ماري هي الابنة الشرعية الوحيدة الباقية على قيد الحياة للملك جيمس الخامس، كان عمرها ستة أيام حين توفي والدها واعتلت العرش. قضت معظم طفولتها في فرنسا عندما كانت اسكتلندا تدار من قبل الوصاة، وتزوجت من دوفين فرنسا فرانسوا الثاني عام 1558. الذي نُصِّبَ ملكاً على فرنسا عام 1559، وأصبحت ماري قرينة ملك فرنسا لفترة وجيزة، حتى وفاته في شهر ديسمبر من عام 1560. عادت الأرملة ماري إلى اسكتلندا، ووصلت إلى منطقة ليث بتاريخ 19 أغسطس 1561. وتزوجت ابن عمتها هنري ستيوارت، لورد دارنلي بعد مضي أربع سنوات، لكن زواجهما لم يكن سعيداً. ودُمر منزل دارنلي نتيجة انفجار في فبراير عام 1567، وعُثر على جثته في الحديقة.
يعتقد أن إيرل بوثويل الرابع جيمس هيبورن، هو من دبر مقتل دارنلي، لكن تمت تبرئته من التهمة في أبريل 1567، وتزوج ماري في الشهر التالي. بعدها قامت انتفاضة ضدهما، وسجنت ماري في قلعة بحيرة ليفين. وأجبرت على التنازل عن العرش في 24 يوليو 1567، لصالح ابنها من دارنلي جيمس السادس البالغ من العمر سنة واحدة. وهربت جنوباً بعد محاولة فاشلة لاستعادتها للعرش، حيث طلبت الحماية من ابنة خال والدها الملكة إليزابيث الأولى. وكانت ماري قد زعمت بالسابق أحقيتها بعرش إليزابيث وهذا ما اعتبره العديد من الكاثوليك الإنجليز ومنهم المشاركون في ثورة تعرف بتمرد الشمال. وقد احتجزتها إليزابيث في إنجلترا لأنها عدّت ماري تهديداً على حكمها. وظلت رهينة أغلال الأسر لمدة 18 عاما ونصف. وأدينت ماري عام 1586 بالتآمر لاغتيال إليزابيث، وقُطِع رأسها في العام التالي.
الطفولة والحكم المبكر
ولدت ماري في 8 ديسمبر 1542 في قصر لينليثجو، في اسكتلندا، والدها الملك جيمس الخامس ووالدتها الفرنسية ماري من غيس وهي الزوجة الثانية. قيل إنها ولدت قبل أوانها وكانت الطفلة الشرعية الوحيدة لجيمس التي ظلت على قيد الحياة. وهي حفيدة أخت الملك هنري الثامن ملك إنجلترا، وجدتها من الأب مارغريت تودور شقيقة هنري الثامن. في 14 ديسمبر، وبعد ستة أيام من ولادتها، أصبحت ملكة اسكتلندا عندما توفي والدها، بسبب إما انهيار عصبي بعد معركة سولواي موس ، أو بسبب شرب مياه ملوثة أثناء الحملة.
ذكر جون نوكس بأن أسطورة شعبية تقول أن جيمس (والد ماري)، سمع وهو على فراش الموت أن زوجته قد أنجبت طفلة، هتف بأسى، قائلا: «بدأت مع فتاة وسوف تنتهي مع فتاة!» يقصد بذلك أن بيت ستيوارت قد اكتسب عرش اسكتلندا من زواج مارجوري بروس ، ابنة روبرت الأول ملك اسكتلندا، من والتر ستيوارت. وبذلك فقد جاء التاج إلى عائلته من خلال امرأة، وسوف يضيع من عائلته من خلال امرأة أيضا. وتحقق هذا البيان الأسطوري فيما بعد بزمن طويل، لكن ليس من خلال ماري بل من خلال سليلتها الملكة آن.
تم تعميد ماري بعد ولادتها مباشرة في كنيسة سانت مايكل القريبة. وانتشرت شائعات بأنها ضعيفة وواهية، ولكن الدبلوماسي الإنجليزي رالف سادلر عندما رآها في قصر ينليثغو في مارس 1543، مكشوفة بواسطة ممرضتها، كتب: «إنها طفلة جيد كما رأيت من عمرها، وكما ترغب في العيش».
عندما ورثت ماري العرش كانت رضيعة، ووقتها كانت إسكتلندا تحكم من قبل وصاية العرش حتى تصبح راشدة. منذ البداية، كانت هناك مطالبتان للوصاية على العرش: أحدها من كاردينال بيتون الكاثوليكي، والأخرى من إيرل أران البروتستانتي، الذي كان التالي في مجال العرش. وكانت مطالبة بيتون مستندة على نسخة من وصية الملك، التي رفضها خصومه مدعين أنها مزورة. أصبح أران هو الوصي بدعم من أصدقائه وعلاقاته حتى عام 1554 عندما تمكنت أم ماري من إزالته.
معاهدة غرينتش
عملة ذهبية تعود لعام 1553: وجه العملة، شعار اسكتلندا؛ الوجه الآخر، مونوغرام الملكي
اغتنم هنري الثامن ملك إنجلترا فرصة الوصاية على العرش بأن يقترح الزواج بين ماري وابنه ووريثه إدوارد، أملاً في اتحاد اسكتلندا وإنجلترا. في 1 يوليو 1543، عندما كان عمر ماري ستة أشهر، تم توقيع معاهدة غرينتش، التي وعدت بأن في سن العاشرة ستتزوج ماري من إدوارد وتنتقل إلى إنجلترا، حيث يتمكن هنري أن يشرف على تربيتها. وتنص المعاهدة بأن تظل الدولتان منفصلتين قانونيا وأنه إذا فشل الزوجان من الإنجاب سيحل هذا الاتحاد المؤقت. لكن، عندما عاد كاردينال بيتون إلى السلطة مرة أخرى بدأ في إعداد أجندة بدعم كاثوليكي فرنسي، مما أغضب هنري، الذي أراد كسر التحالف الإسكتلندي الفرنسي. كان بيتون يريد نقل ماري بعيدا عن الساحل لسلامة قلعة ستيرلنغ. قاوم الوصي أران هذه الحركة، لكنه تراجع عندما تجمع أنصار بيتون المسلحين في لينليثغو. في 27 يوليو 1543 اصطحب إيرل لينوكس كل من ماري وأمها إلى إستيرلينغ بحماية 3,500 رجل مسلح. وتوجت ماري في كنيسة القلعة في 9 سبتمبر 1543، مع (كما ذكر كل من رالف سادلر وهنري راي) «هذا الإِجْلال المستخدم في هذا البلد، وغير المكلف».
قبل تتويج ماري بوقت قصير تم إلقاء القبض على التجار الإسكتلنديين المتجهين إلى فرنسا من قبل هنري، وحجز بضائعهم. وقد سببت هذه الاعتقالات غضب اسكتلندا، وانضم أران إلى بيتون وأصبح كاثوليكيا. وفي ديسمبر رفض البرلمان الإسكتلندي معاهدة غرينتش. وتم رفض الزواج وإعادة تجديد التحالف القديم بين فرنسا واسكتلندا مما دفع هنري إلى خوض معركة “المغازلة القاسية “، وهي حملة عسكرية تهدف إلى فرض زواج ماري من ابنه. شنّت فيها القوات الإنجليزية سلسلة من الغارات على الأراضي الإسكتلندية والفرنسية. وفي مايو 1544، هاجم الإنجليزي إيرل هيرتفورد إدنبرة، بعدها نقل الاسكتلنديين ماري إلى دونكيلد حفاظا على سلامتها.
في مايو 1546، اغتيل بيتون من قبل ليردات بروتستانتيين (ليرد=لورد اسكتلندي)، وفي 10 سبتمبر 1547، بعد تسعة أشهر من وفاة هنري الثامن، انهزم الاسكتلنديين شر هزيمة في معركة بينكي كليو . وخوفا على سلامة ماري أرسلها الأوصياء إلى دير إنشماهوم لتمكث هناك مدة لا تزيد عن ثلاثة أسابيع، ثم نقلوها إلى فرنسا طالبين المساعدة.
اقترح الملك الفرنسي هنري الثاني توحيد فرنسا واسكتلندا عن طريق زواج الملكة الشابة من ابنه دوفين فرانسوا البالغ من العمر ثلاث سنوات. وافق أران على الزواج، بوعود من المساعدات العسكرية الفرنسية. في فبراير 1548، نقلت ماري مرة أخرى إلى قلعة دومبارتون حفاظا على سلامتها. خلف الإنجليز وراءهم الدمار مرة أخرى واستولوا على مدينة هادينجتون الاستراتيجية. وفي يونيو، وصلت المساعدات الفرنسية التي طال انتظارها إلى ليث لمحاصر واستعادة هادينغتون. في 7 يوليو 1548، وافق برلمان الإسكتلندي على معاهدة الزواج الفرنسية والتي عقدت في دير بالقرب من المدينة.
الحياة في فرنسا
بعد الاتفاق على الزواج، تم إرسال ماري ذات الخمس سنوات إلى فرنسا لتقضي الـ 13 عاما التالية في البلاط الفرنسي. في 7 أغسطس 1548 أبحر الأسطول الفرنسي الذي أرسله هنري الثاني، من دومبارتون بقيادة نيكولاس دي فيليغانيون ، ومعهم ماري، ووصل بعد أسبوع أو أكثر إلى روسكوف أو سان بول دي ليون في منطقة بريتاني.
كان بصحبة ماري في بلاطها بالإضافة إلى أخواها غير الشرعيين، أربع بنات بعمرها وكلهن يحمل نفس الاسم (ماري)، وهن بنات بعض أنبل العائلات في إسكتلندا: ماري بيتون وماري سيتون وماري فليمينغ وماري ليفينغستون، بالإضافة إلى والدة ماري فليمينغ ليدي جانيت ستيوارت وهي أخت جيمس الخامس غير الشقيقة، قد عيّنت مربية.
وفقا للسجلات المعاصرة كانت ماري كانت جميلة ومرحة وذكية، ولديها طفولة واعدة. وكانت محبوبة لدى الجميع في البلاط الفرنسي، باستثناء كاترين دي ميديشي زوجة هنري الثاني. تعلمت ماري العزف على العود وآلة العذارى، وركزت في تعلم الشعر والنثر والفروسية وتربية الصقور وأشغال الإبرة، ودرست اللغة الفرنسية والإيطالية واللاتينية والإسبانية واليونانية، بالإضافة إلى لغتها الأصلية الاسكتلندية. وأصبحت أخت زوجها إليزابيث من فالوا صديقتها المقربة. وكان لجدتها من أمها أنطوانيت دي بوربون، التأثير القوي على طفولتها، وقد عملت مستشارة أساسية لها.
تظهر صور ماري أن لديها رأس صغير بيضاوي الشكل وطويل، رقبتها رشيقة، شعرها بني محمر مشرق، وعيونها عسلية، جفونها منشدة للأسفل وحواجبها مقوسة وناعما، بشرتها ناعمة وشاحبة، وجبينها عالي وطبيعي، وملامحها ثابتة. وتعتبر بذلك طفلة جميلة، وفيما بعد كامرأة جذابة بشكل ملفت. في أحد مراحل طفولتها، أصيبت بالجدري، لكن لم تؤثر على ملامحها.
كانت ماري فصيحة اللسان وتميزت بطول القامة بمعايير القرن السادس عشر (وصل طولها كبالغة إلى 1.80 م)، بينما ابن هنري الثاني ووريثه فرانسوا، فقد كان متلعثم وقصير القامة بشكل غير طبيعي. يقول هنري عنهما «منذ اليوم الأول الذي التقيا فيه، بدى عليهما كما لو كانا يعرفان بعضهما البعض منذ فترة طويلة». وفي 4 أبريل 1558، وقعت ماري اتفاقا سريا يورث إسكتلندا والمطالبة بإنجلترا إلى التاج الفرنسي إذا توفيت دون قضية. وبعد عشرين يوما، تزوجت من دوفين في كاتدرائية نوتردام دو باري في باريس، وأصبح قرين ملكة إسكتلندا.
المطالبة بالعرش الإنجليزي
ي نوفمبر 1558، عندما توفيت الابنة الكبرى لهنري الثامن، ماري الأولى ملكة إنجلترا، خلفتها أختها الوحيد الباقية على قيد الحياة، إليزابيث الأولى، وبموجب قانون الخلافة الثالثة الذي صدر في عام 1543 من قبل برلمان إنجلترا، تم الاعتراف بإليزابيث كوريثة لأختها، وكانت وصية هنري الثامن الأخيرة هي استبعاد عائلة ستيوارت من خلافة العرش الإنجليزي. ولكن ما زالت إليزابيث في نظر العديد من الكاثوليك غير شرعية، وبما أن ماري ستيوارت تعتبر سليلة شقيقة هنري الثامن الكبرى، فهي أحق بأن تكون ملكة إنجلترا. أعلن هنري الثاني ملك فرنسا ابنه الأكبر وزوجة ابنه ملك وملكة إنجلترا، وفي فرنسا تم تقسيم شعار إنجلترا الملكي إلى أرباع تشمل شعاري ماري وفرانسوا. وأصبحت مطالبة ماري بالعرش الإنجليزي نقطة خلاف شائكة دائمة بينها وبين إليزابيث الأولى.
في 10 يوليو 1559 توفي هنري الثاني متأثرا بجراحه التي أِصيب بها في منافسة مجاولة، بعدها أصبح فرنسوا البالغ من العمر خمسة عشر عاما وماري البالغ من العمر ستة عشر عاما ملكا وملكة لفرنسا. وأصبح اثنان من أخوال الملكة مرشحين في السياسة الفرنسية، دوق غيس وتشارلز، كاردينال لورين ، يستمتعان بسيطرة يسميها بعض المؤرخين، (الاستبداد الغويزي (بالفرنسية: la tyrannie Guisienne)).
في إسكتلندا، تمردت سلطة لوردات الجمهور البروتستانت على حساب والدة ماري، التي كانت تحافظ على سيطرتها فقط من خلال استخدام القوات الفرنسية. وطلب اللوردات البروتستانت من القوات الإنجليزية القدوم إلى إسكتلندا لحماية البروتستانتية، وفي فرنسا حصلت مؤامرة امبويز، وهي تمرد من الهوغونوتيون، وفي مارس 1560 أصبح من المستحيل على الفرنسيين إرسال المزيد من الدعم. واضطر الأخوة غيس إلى إرسال سفراء للتفاوض على تسوية. وفي 11 يونيه 1560، توفيت أختهم (أم ماري)، وهكذا أصبحت مسألة العلاقات الفرنسية-الاسكتلندية المستقبلية مسألة ملحة. وبموجب بنود معاهدة أدنبرة، التي وقعها ممثلو ماري في 6 يوليو 1560، تعهدت فرنسا وإنجلترا أن تسحب قواتها من إسكتلندا، واعترفت فرنسا بحق إليزابيث في حكم إنجلترا. ومع ذلك، فإن ماري البالغ من العمر 17 عاما، لا زالت في فرنسا حزينة على فراق أمها، ورفضت التصديق على المعاهدة.
العودة إلى اسكتلندا
في 5 ديسمبر 1560 توفي الملك فرانسوا الثاني، بسبب عدوى في الأذن الوسطى أدت إلى ظهور خراج في دماغه. وقد تأثر ماري كثيرا لفراقه. عندها أصبحت حماتها كاترين دي ميديشي وصية على شقيق الملك الراحل تشارلز التاسع البالغ من العمر عشر سنوات، وورث العرش الفرنسي. ثم عادت ماري إلى إسكتلندا بعد تسعة أشهر، ووصلت إلى ليث في 19 أغسطس 1561. أمضت ماري حياتها في فرنسا منذ أن كانت في سن الخامسة، لم يكن لديها خبرة بالوضع السياسي الخطير والمعقد في إسكتلندا. وبما أنها كاثوليكية متدينة، فقد اعتبرت في محل شك من قبل بعض رعاياها، وكذلك من ملكة إنجلترا. كانت إسكتلندا ممزقة بين الفصائل الكاثوليكية والبروتستانتية، وكان أخ ماري غير الشرعي، إيرل موراي يتزعم البروتستانت. المبشر البروتستانتي جون نوكس يعظ ماري، ويدينها لسماع القداس، والرقص، وارتداء الملابس بإسهاب. وقد استدعته أن يحضر إليها محتجة على فعله لكن دون جدوى، واتهمته فيما بعد بالخيانة، لكن تمت تبرئته واطلق سراحه.
أدى تهاون ماري مع البروستانت إلى خيبة أمل الحزب الكاثوليكي، وهيمنة البروستانت، واحتفظت بأخيها غير الشقيق اللورد موراي ليصبح كبير مستشاريها. قررت تعيين مجلسها الخاص المكون من 16 رجلاً في 6 سبتمبر 1561، واحتفظت بالذين كانوا في مكاتب الدولة وكان يسيطر عليهم زعماء البروتستانت لأزمة الإصلاح لعام 1559-1560 وهم: إيرلات كل من أرغيل، وغلنكيرن، وموراي. أربعة فقط من أعضاء المجلس كانوا من الكاثوليك وهم: إيرلات كل من واتول، وايرول، ومونتروز، وهانتلي الذي كان لورد مستشار. ترى المؤرخة الحديثة جيني ورمالد أن هذا الأمر مثير، وهو يشير إلى أن ماري قد فشلت في تعيين المجلس بسبب تعاطفها مع المصالح الكاثوليكية والفرنسية، وكان هذا مؤشرا على أن تركيزها كان العرش الإنجليزي على حساب المشاكل الداخلية في إسكتلندا. حتى أن إضافة اللورد روثفن إلى المجلس في ديسمبر 1563 كانت غريبة، فقد كان بروتستانتيا آخر وكانت ماري تكرهه شخصيا. وفي هذا، كانت تعترف بضعف القوات العسكرية لمواجهة اللوردات البروتستانتية، بينما أيضا كانت تتبع سياسة تعزز صلتها مع إنجلترا. وفي 1562 انضمت ماري إلى اللورد موراي في تدمير زعيم الكاثوليك الكبير في اسكتلندا اللورد هانتلي، بعد أن قاد تمرد في المرتفعات ضدها.
أرسلت ماري وليام ميتلاند من ليثينغتون إلى البلاط الإنجليزي كسفير لطرح قضية ماري على أنها وريثة مفترضة للعرش الإنجليزي. وقد رفضت إليزابيث تسمية وريث مفترض، خوفا من أن تفعل ما يدعو بمؤامرة لتحل من يخلفها. ومع ذلك فقد أكدت إليزابيث لميتلاند أنها لا تعرف شخصا أفضل من ماري. وفي أواخر عام 1561 وأوائل عام 1562، تم اتخاذ الترتيبات اللازمة لتلتقي الملكتين في إنجلترا في يورك أو نوتنغهام، وذلك في أغسطس أو سبتمبر 1562، لكن بسبب الحرب الأهلية في فرنسا فقد أرسلت إليزابيث السير هنري سيدني للإلغاء في يوليو.
قررت ماري إيجاد زوجا جديدا من ملوك أوروبا. لكن عندما بدأ خالها كارل، كاردينال لورين مفاوضاته مع كارل الثاني، أرشيدوق النمسا وبدون موافقتها، اعترضت ماري بغضب مما أدى إلى تعثر المفاوضات. ورفض فيليب الثاني محاولتها للتفاوض على زواجها من ابنه دون كارلوس، المختل عقلياً والوريث الواضح للملك فيليب الثاني. ومن جهة أخرى حاولت الملكة إليزابيث أن تحيد ماري من خلال اقتراح زواجها من الإنجليزي البروتستانتي روبرت دادلي، إيرل ليستر الأول (صهر السير هنري سيدني والمحبوب لدى الملكة الإنجليزية)، والذي تثق به إليزابيث وتعتقد أنها ستستطيع السيطرة عليها بعد زواجها منه. وأرسلت السفير توماس راندولف، إلى ماري ليخبرها بأنها إذا كانت ستتزوج أحد النبلاء الإنجليز، فإن إليزابيث سوف «الشروع في محاكم التفتيش لحقها ولقبها لتكون ابنة عمنا ووريثتنا القادمة». لكن تم رفض هذا الاقتراح.
في المقابل، كان هناك شاعر فرنسي في بلاط ماري، اسمه بيير دي بوسكوسيل دي تشاستيلارد، وعلى ما يبدو أنه مفتونا بماري. ففي بداية عام 1563، تم اكتشافه متخفيا تحت سريرها، ينوي مفاجأتها عندما كانت وحدها وأن يعلن عن حبه لها. لكن ماري ارتاعت من واضطرت أن تنفيه من اسكتلندا. لكنه تجاهل هذا القرار، بعد يومين دخل إلى غرفتها وهي على وشك أن تجرد ثيابها. وكانت ردة فعلها الغضب مع الخوف، هرع موراي إلى غرفتها عندما سمع صراخها طلبا للمساعدة، صرخت قائلة: «اطعن الحقير بخنجرك!»، لكن موراي رفض القيام بذلك، لأن تشاستيلارد كان محجورا وسيقبض عليه. تم الحكم على تشاستيلارد بتهمة الخيانة، وقطع رأسه. يعتقد وليام ميتلاند أن حماس تشاستيلارد كان مختلقا، وأنها كانت جزءا من مؤامرة الهوغونوت (بروتستانت فرنسا) لتشويه سمعة ماري.
الزواج من اللورد دارنلي
في فبراير 1561 عندما كانت ماري في حداد على فرانسوا، التقت لفترة قصيرة بابن عمتها الأول هنري ستيوارت، لورد دارنلي، الذي كان والديه إيرل وكونتيسة لينوكس من الأرستقراطيين الاسكتلنديين وكذلك من ملاك الأراضي الإنجليزية، وكانا قد أرسلاه إلى فرنسا زعما منهما لتقديم التعازي بينما كانا يأملان في احتمال التقارب بين ابنهما وماري. وقد كان كل من ماري ودارنلي من أحفاد مارغريت تيودور، أخت هنري الثامن ملك إنجلترا، والنسب الأبوي لعائلة ستيوارد العريقة في إسكتلندا. يشارك دارنلي من سلالة ستيوارت الحديثة بعائلة هاملتون كسليل لماري ستيوارت، كونتيسة أران، ابنة جيمس الثاني ملك اسكتلندا. يوم السبت 17 فبراير 1565 التقيا مرة أخرى في قلعة وميس في إسكتلندا، بعدها وقعت ماري في حب ذلك «الفتى الطويل» (كما أطلقت عليه الملكة إليزابيث—كان طوله أكثر من ستة أقدام). وفي 29 يوليو 1565 تزوجا في قصر هوليرود، وبالرغم من أن كليهما كان كاثوليكيًا لم يتم الحصول على إعفاء بابوي لزواج أولاد العمومة من الدرجة الأولى.
عمل رجلي الدولة الإنجليزيان وليام سيسيل وإيرل ليستر لكي يحصل دارنلي على رخصة للسفر إلى إسكتلندا من موطنه إنجلترا. على الرغم من أن مستشاري إليزابيث هم من جلبوا الزوجين معًا، إلا أنها قد شعرت بالتهديد من هذا الزواج، لأنهما أحفاد عمتها، وكان لكل من ماري ودارنلي الحق في الوصول إلى العرش الإنجليزي وسيَرث أبنائهما إذا رزقا أحقية قوية بوراثة العرش. ويبدو أن إصرار ماري على الزواج كان نابعا من العاطفة بدلاً من الحساب. يقول السفير الإنجليزي نيكولاس ثروكمورتون «بالتأكيد أنها سحرت [يعني الملكة ماري]»، وأضاف أنه لا يمكن تجنب هذا الزواج إلا «بالعنف». وقد أغضب هذا الاتحاد الملكة إليزابيث، التي شعرت أنه لا ينبغي أن يكون الزواج قد تم إلا بإذنها، بصفة أن دارنلي يكون ابن عمتها وكذلك لأنه مواطن إنجليزي.
وبسبب زواج ماري من كاثوليكي بارز اضطر أخيها الغير شرعي إيرل موراي، أن ينضم إلى تمرد اللوردات البروتستانت، ومنهم اللورد «ارغيل» و «غلنكيرن». وفي 26 أغسطس 1565 انطلقت ماري من أدنبره لمواجهتهم، وفي اليوم الثلاثين دخل موراي أدنبرة، لكنه غادر بعدها بقليل بعد أن فشل في أخذ القلعة. ثم عادت ماري إلى أدنبره في الشهر التالي لتعزيز القوات. بدأت قوات ماري ولوردات موراي المتمردين يجوبون اسكتلندا دون الدخول في قتال مباشر، وقد عرفت هذه الغارة باسم «غارة المطاردة». تم تعزيز الأعداد لماري عن طريق الإفراج عن ابن اللورد هنتلي، وكذلك عودة جيمس هيبورن، إيرل بوثويل الرابع، من المنفى في فرنسا. لم يستطع موراي أن يحشد الدعم الكافي، وغادر اسكتلندا في أكتوبر ولجأ في إنجلترا. قامت ماري بتوسيع مجلسها الخاص جالبة كلا من الكاثوليك (أسقف روس جون ليزلي، وعمدة أدنبرة سيمون بريستون من كريغميلار) والبروتستانت (اللورد هانتلي الجديد، أسقف غالاوي ألكسندر جوردون، وجون ماكسويل من تيريغلز، والسير جيمس بلفور).
بدأ دارنلي بالعجرفة والكبر ولم يرضي موقفه بأن يكون قرين الملكة، بل طالب تاج الزوجية، وأن يشارك الملكة سلطانها في اسكتلندا مع الحق في إبقاء العرش الإسكتلندي له إذا توفيت زوجته. لكن ماري رفضت طلبه، وزاد التوتر بينهما على الرغم من أنها حملت منه في أكتوبر 1565. وكان يشعر بالغيرة من صداقتها مع سكرتيرها الخاص الكاثوليكي ديفيد ريزيو وهو موسيقار إيطالي قد قدم إلى اسكتلندا عام 1560، والذي أشيع أنه كان والد الطفل الذي في بطنها. ورأى النبلاء الاسكتلندين أن ريزيو قد نحاهم عن مكانتهم وحل محلهم، وارتابوا في أنه يناصر الكاثوليك، فإنهم تآمروا على قتله. وبحلول مارس 1566، دخل دارنلي في مؤامرة سرية مع لوردات بروتستانت، ومنهم الذين تمردوا ضد ماري في «غارة المطاردة». في 9 مارس، اقتحم دارنلي ومجموعة من المتآمرين حجرة الملكة حيث كانت تتناول العشاء مع ريزيو، وأمسك دارنلي الملكة واحتجزها، واندفع الآخرون إلى الحجرة، واقتادوا ريزيو خارجها، رغم احتجاجات واعتراضات ماري، وعلى السلم كالوا له بالطعنات حتى الموت. ودقّ أحدهم ناقوس الخطر في المدينة، فسار حشد كبير من المواطنين المسلحين إلى القصر، واقترحوا تمزيق ماري «إرباً» ولكن دارلني أقنعهم بالتفرق، وبقيت ماري طوال الليل وطيلة اليوم التالي سجينة في قصر هوليرود. وفي نفس الوقت لعبت على فزع دارلني وحبه لها، فساعدها وصحبها، عندما هربت في الليلة التالية ولجأت إلى قلعة دنبار ، وهناك أقسمت أن تنتقم، فأصدرت نداء إلى مؤيديها المخلصين، ليهبوا لنجدتها والدفاع عنها. وأعادت المتمردين السابقين إلى المجلس مثل اللورد موراي وأرغيل وجلينكايرن، وربما فعلت هذا رغبة في إشاعة الفرقة بين أعدائها.
مقتل دارنلي
في 19 يونيو 1566 ولد جيمس ابن ماري من زوجها دارنلي، في قلعة ادنبره، لكن مقتل ريزيو أدى إلى انهيار زواجها. في أكتوبر 1566، بينما كانت ماري تقيم في جيدبيرغ عند الحدود الاسكتلندية ، قامت برحلة على ظهر حصان لمدة أربع ساعات متجهة لزيارة إيرل بوثويل في قلعة هيرميتاج ، لأنه كان مريض بسبب جروح أصيب بها عقب مناوشات في حدود ريفرس. وقد استخدم أعداء ماري هذه الزيارة كدليل على أن الاثنين كانا محبين لبعضهما، بالرغم من عدم وجود أي شبهات في ذلك الوقت وكان برفقة ماري أعضاء مجلسها وحراسها. وبعد عودتها إلى جيدبيرغ، أصيبت بمرض خطير وقيء متكرر، أفقدها البصر والكلام، مع تشنجات وإغماءات. كانت تعتقد أنها قريبة من الموت. لكنها شُفيت في 25 أكتوبر وذلك بفضل مهارة أطبائها الفرنسيين. لم يعرف سبب مرضها؛ ونتائج التشخيصات تبين أنها بسبب الإرهاق البدني والإجهاد الذهني، والنزيف بسبب قرحة المعدة، والبرفيريا.
في نهاية نوفمبر 1566، عقدت ماري مع النبلاء اجتماعا في قلعة كراغميلار، بالقرب من أدنبره، لمناقشة «مشكلة دارنلي». وتمت مناقشة الطلاق، ولكن من المحتمل أن الارتباط كان محلف بين اللوردات الحاليين لإزاحة دارنلي بوسائل أخرى: «كان يعتقد أنها أكثر وسيلة ربحية للثروة المشتركة … أن مثل هذا الأحمق الصغير والفخور باستبداده يجب ألا يملك أو يحكم؛ … يجب نزعه بطريقة أو بأخرى؛ وأي شخص يأخذ ذلك في يده أو يفعله، يجب أن يدافع عنه». خاف دارنلي على سلامته، وبعد معمودية ابنه في ستيرلنغ قبيل عيد الميلاد، ذهب إلى غلاسكو للبقاء في عقارات والده. كان في بداية الرحلة مصابا بالحمى، ربما بسبب الجدري أو الزهري أو نتيجة سم، وظل مريضًا لبضعة أسابيع.
في أواخر يناير 1567، حثت ماري زوجها أن يعود إلى أدنبره. وقد كان متعافي من مرضه في منزل شقيقه السير جيمس بلفور في دير سابق في كيرك أو فيلد، داخل سور المدينة. وكانت ماري تزوره يوميا، بحيث يبدو أن هناك مصالحة مستمرة. وفي ليلة 9-10 فبراير 1567، زارت ماري زوجها في أول المساء، ثم حضرت احتفال زفاف لأحد أفراد أسرتها، باستيان باغز. في ساعات الصباح الأولى من اليوم التالي سمع دوي انفجار قد دمر حقل كيرك، وعثر على دارنلي ميتًا في الحديقة، بسبب الاختناق على ما يبدو. لم تكن هناك علامات واضحة لإعتداءات جسدية عليه. الذين تم الاشتباه بهم هم بوثويل وموراي والسكرتير ميتلاند، وكانت ماري بنفسها من بين الذين تعرضوا للاشتباه.
في نهاية شهر فبراير، أجمع الكل أن المشتبه في اغتيال دارنلي هو بوثويل. وقد طالب لينوكس والد دارنلي بمحاكمة بوثويل قبل انتخابات البرلمان التي وافقت عليها ماري، لكن رفض طلبه بسبب تأخر الأدلة. وبعدم وجود أي دليل على بوثويل، فقد تمت تبرئته بعد محاكمة استمرت سبع ساعات في 12 أبريل. بعد أسبوع، تمكن بوثويل من إقناع أكثر من 24 من اللوردات والأساقفة بأن يوقعوا على «وثيقة انسلي تافيرن»، بحيث يتفقون على دعم هدفه للزواج من الملكة.
السجن في اسكتلندا والتنازل عن العرش
بين 21 و 23 أبريل 1567، كانت آخر زيارات ماري لابنها في إستيرلينغ. وفي 24 أبريل عند عودتها إلى إدنبره، اختطفها اللورد بوثويل وهو برفقة رجاله واقتادوها إلى قلعة دنبار، حيث يعتقد أنه اغتصبها هناك. وفي 6 مايو، عادت ماري ومعها بوثويل إلى أدنبره وتزوجا في 15 مايو، إما في قصر هوليرود أو دير هوليرود، وفقا للطقوس البروتستانتية. وكان بوثويل قد طلق زوجته الأولى جان جوردون أخت اللورد هنتلي قبل اثني عشر يوما.
كانت ماري تعتقد أن النبلاء قد أيدوا زواجها، لكن سرعان ما تحولت الأمور بين بوثويل الذي حصل على منصب عالي حديثًا (دوق أوركني) وبين أقرانه السابقين، وثبت أن الزواج لا يحظى بشعبية. ويعتبر الكاثوليكيين أن هذا الزواج غير قانوني، لأنهم لم يعترفوا بطلاق بوثويل أو صلاحية الخدمة البروتستانتية. وقد صُدِم البروتستانت والكاثوليك من أن ماري ستتزوج الرجل المتهم بقتل زوجها. بدأت تعصف الرياح بهذا الزواج، وأصبحت ماري يائسة. انقلب 26 من النبلاء الاسكتلنديين، المعروفين باللوردات الكونفدرالييين، ضد ماري وبوثويل، وتحرك الجيش ضدهم. حصلت مواجه بين ماري وبوثويل ضد اللوردات في معركة كاربيري هيل في 15 يونيو، لم يحدث عراك بسبب هروب قوات ماري بعيدا أثناء المفاوضات. أعطي بوثويل الأمان للذهاب بعيدا عن الميدان، وأخذ اللوردات ماري إلى أدنبره، وهاجمها جموع من سكان المدينة ونعتوها بالزانية والقاتلة. في الليلة التالية، سجنت في قلعة بحيرة ليفين، على جزيرة بوسط بحيرة ليفين. بين 20 و 23 يوليو، أجهضت ماري توأميها. في 24 يوليو، أجبرت على التنازل عن عرشها لصالح ابنها جيمس البالغ من العمر سنة واحدة. وأصبح موراي هو الوصي، بينما طرد بوثويل إلى المنفى. وتم سجنه في الدانمارك، ويقال أنه أصبح مجنونا ومات في 1578.
الهروب والسجن في إنجلترا
في 2 مايو 1568، هربت ماري من قلعة بحيرة ليفين بمساعدة جورج دوغلاس، شقيق السير وليام دوغلاس، مالك القلعة. بعدها حشدت جيش من 6,000 رجل، وقابلت جيش موراي من 4,000 رجل في معركة لانغسايد في 13 مايو. لكنها انهزمت وهربت إلى الجنوب بعد قضاء ليلة في دير داندرينان ، وفي 16 مايو عبرت لسان سولواي البحري إلى إنجلترا بواسطة قارب صيد. بعد ذلك وصلت شمال إنجلترا عند ووركينغتون في كمبرلاند وبقيت كل الليل في ووركينغتون هال. وفي 18 مايو، أخذها المسؤولين المحليين إلى الحجز الوقائي في قلعة كارلايل .
توقعت ماري أن الملكة إليزابيث ستساعدها على استعادة عرشها. لكن إليزابيث كانت حذرة، وأمرت بإجراء تحقيق في سلوك تحالف اللوردات والمساءلة ما إذا كانت ماري مذنبة بجريمة دارنلي. في منتصف شهر يوليو من عام 1568، نقلت السلطات الإنجليزية ماري إلى قلعة بولتون ، لأنها بعيدة عن الحدود الاسكتلندية، لكنها ليست قريبة من لندن. بين أكتوبر 1568 ويناير 1569 عُقدت لجنة تحقيق، أو مؤتمر كما كان معروفًا، في يورك وفيما بعد في وستمنستر. أما في إسكتلندا، فقد كان أنصار ماري يخوضن حربًا أهلية ضد ريجنت موراي وخلفائه.
صندوق الرسائل
رفضت ماري الاعتراف بأي سلطة لمحاكمتها لأنها كانت ممسوحة بالزيت المقدس، ورفضت الحضور للتحقيق في يورك (وبدلاً من ذلك أرسلت ممثلين لها)، وقد حرمت إليزابيث حضورها بأي حال. وأحضر موراي دليلا ضد ماري، عبارة عن ثمانية رسائل غير موقعة يزعم أنها من ماري إلى بوثويل، وعقدين للزواج، وسوناتة للحب، وقد وجدت داخل صندوق بحجم 30 سم مذهّب بالفضة ومزين بمونوجرام للملك فرانسوا الثاني. وقد أنكرت ماري أنها كتبتها بحجة أن خطّ يدها سهل تقليده، وأصرت بأنها مزورة. والكل يعتقد أن هذه الأدلة حاسمة على أن ماري مشاركة بجريمة قتل دارنلي. يصف رئيس لجنة التحقيق دوق نورفولك، الرسائل بأنها فاضحة وقصائد الغرام متنوعة، وتم إرسال نسخة إلى إليزابيث، يخبرونها بأنه إذا كانت حقيقية قد تثبت ذنب ماري.
أصبحت حقيقة صندوق الرسائل الفضي مصدر للجدال بين المؤرخين، ومن المستحيل حاليا إثبات كلا الاحتمالين. والنسخ الأصلية منها التي كانت مكتوبة بالفرنسية، قد تكون أتلفت في عام 1584 من قبل ابن ماري جيمس. أما النسخ الباقية، التي بالفرنسية أو مترجمة إلى الإنجليزية، لا تشكل المجموعة الكاملة. وهناك نسخ مطبوعة غير مكتملة باللغة الإنجليزية، والإسكتلندية، والفرنسية، واللاتينية من العقد 1570. وشملت الوثائق المفحوصة الأخرى طلاق بوثويل من جان جوردون. وفي سبتمبر أرسل موراي رسولا إلى دنبار للحصول على نسخة من الإجراءات من سجلات المدينة.
استنتج كتاب سيرة ماري، مثل أنطونيا فريزر، وأليسون وير وجون غاي، إلى أن الوثائق إما كانت مزورة بالكامل، أو أنه تم إدراج مقاطع تجريم في رسائل حقيقية، أو أن الرسائل كانت مكتوبة إلى بوثويل من قبل شخص آخر أو من ماري إلى شخص آخر. يشير جون غاي إلى أن الرسائل مفككة، وأن اللغة الفرنسية والقواعد المستخدمة في السوناتات ضعيفة جدًا بالنسبة لكاتب يحظى بتعليم ماري. ومع ذلك، فإن بعض العبارات من الرسائل (بما في ذلك الأشعار بأسلوب رونسار) وبعض الخصائص من الأسلوب ستكون متوافقة مع كتابات ماري المعروفة.
لم تُكشف رسائل الصندوق للعلن حتى موعد مؤتمر 1568، بالرغم من أن مجلس العموم الإسكتلندي قد اطلع عليها في ديسمبر 1567، ولم ينشرها لتأكيد سجن ماري وتنازلها القسري. وقد كانت المؤرخة «جيني ورمالد» مؤمنة بهذا التردد للاسكتلنديين في جلبهم للرسائل وإتلافها في عام 1584، مهما كان محتواها، بأنها تشكل إثباتا باحتوائها على أدلة حقيقية ضد ماري، في حين أن «أليسون وير» يعتقد أنها توضح بأن اللوردات كانوا يحتاجون وقتا لتلفيقها. وعلى الأقل فإن بعض المعاصرين لماري ممن اطلع على الرسائل ليس لديهم أدنى شك في أنها حقيقية، ومن بينهم الدوق نورفولك، الذي كان ممن خطط سرا على الزواج من ماري خلال اللجنة، بالرغم من أنه قد نفى ذلك عندما ألمحت إليزابيث إلى خطط زواجه، بقولها «لم يكن يعني الزواج بأي شخص، عندما لا يستطيع التأكد من وسادته».
اعتبر غالبية المفوضين بأن رسائل الصندوق صحيحة بعد أن فحصوا محتوياتها وقارنوا أسلوب الخط بنماذج من كتابات ماري. وكما كانت إليزابيث تتمنى فقد اختتم التحقيق بأنه لم يثبت شيء ماري واتحاد اللوردات. ولأسباب جوهرية سياسية لم تكن إليزابيث ترغب في إدانة ماري أو عدم تبرئتها من الجريمة، ولم تكن هناك نية للمقاضاة؛ وقد كان الهدف من المؤتمر هو ممارسة سياسية. وفي النهاية، عاد موراي إلى اسكتلندا كوصي لماري، وهي بقيت في إنجلترا تحت الحراسة. نجحت إليزابيث في الحفاظ على الحكومة البروتستانتية في اسكتلندا، بدون أن تدين أو تطلق سراح منافستها. تعتقد المؤرخى فريزر، أن هذه أحد أغرب «المحاكمات» في التاريخ القانوني، انتهت بدون ذنب ضد طرفين احدهما ذهب إلى موطنه إسكتلندا بينما الآخر لا يزال في الحجز.
الوفاة
الإعدام
تم إعدام الملكة ماري ستيوارت بالمقصلة بعد توقيع الملكة إليزابيث الأولى على قرار إعدامها على إثر اشتراك الأولى في محاولة الانقلاب على الملكة اليزابيث الأولى وقد رجٌح بعض المؤرخون أنها لم تشترك بمحاولة الانقلاب ويرجعون سبب إعدامها إلى غيرة الملكة اليزابيث الأولى من ماري ستيوارت بسبب جمالها وذكائها وإنجابها إبنها جيمس الذي أصبح فيما بعد ملك إنجلترا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.