استراتيجية الانحطاط والتفاهة !
حسين الذكر
يذكر المؤرخون العرب ان بعض الحواضر العربية التي امتازت بالثورات ضد الطغات والسياسات الاستعمارية والاستحمارية دائما ما يسلطون على رقابهم راس نظام مسيطر بعناوين قومية وإسلامية … وبشعارات رنانة يمنح بها السلطات المطلقة على رقاب الناس يفعل بهم ما يشاء بلا نقاش حتى يقرروا اقالته او قتله بدور وإخراج وسيناريو مسرحي متقن فنيا ..
هذا الواقع المؤلم يحمل الكثير من المضامين والتعاريف والتخاريف والمؤثرات على مسيرة الامة وقواها سيما الروحية قبل المادية .. لذا فان الدول الاستعمارية على طول الخط ومنذ الاف السنين ما زالت تمارس ذات الاجندة لتحقيق أهدافها على حساب امة منهوبة مكبوتة لا تستطيع القول : (ثلث الثلاثة كم) على صعيد القيم والسياسية والاجتماع .. او أي ملف حيوي آخر .. فيما يتاح لهم مطلق حرية الرقص على انغام أي اغنية فصيحة او شعبية مع الضحك حد الذقون على شاهد مشفش حاجة .. كما يحق لهم تشجيع كرستيان وميسي و( حسي ) او أي محسوس آخر .. فان ذلك متاح بل محمي كحق من حقوق الانسان ومدعوم حد الإذعان من قبل مجلس الامن والأمم المتحدة والمنظمات الدولية وكل اللجان .
تحدثت مع صديق عربي خليجي يعيش في اوربا كنا قد تعارفنا عبر نعمة الانترنيت والتواصل فجرى الحديث التالي بيننا ..
– :- قلت ( ان الصلاة التي لا تدلني على الحق ولا تمنعني عن الباطل مشكوك فيها .. ) .
– : فقال ( في اوربا قليلو التحدث عن الدين اذ اغلب أعمالهم الوظيفية والحياتية سيما ما يتعلق منها في الشارع والراي العام والعلن تؤدى على احسن ما يرام باحساس ديني مسؤول ) .
– ثم ضرب مثلا بان احد اقاربه رجل محترم من اسرة محافظة متدينة جاء يعيش في اوربا لكنه بدا يمارس بعض الاعمال الشاذة والمحرمة والمشينة .. اذ انه دخل سوبر ماركت للتسوق وقد بدل علامات التسعير بطريقة احترافية غيرت أسعار بعض المشتريات بصورة عدها شرعية كونها تلحق الضرر بالاستعمار – حسب تعبيره – فيما كنت أقول له ان ذلك حرام فضلا عن كونه مخالف للنظام ) .
كذا قالت لي زميلة عربية من شمال افريقيا : ( ان ابي رجل دين ومدير مدرسة في السبعينات كان يصر على تربية التلاميذ قبل تعليمهم .. يوصينا دوما : ( خلي يدك بيضاء عالية ولا تجعلها سوداء سفلى .. كما كان يصر على أداء الواجبات الحياتية قبل المدرسية من قبيل النظافة والترتيب واتباع منهج تربوي نظامي مسؤول قبل أي شيء اخر .. لقد غرس فينا حب النظام وممارسته الى الابد ).
هنا تذكرت قصة إسلامية مشهورة لرجل دين كبير دخل آخر أيام حياته المشفى وقد جاءت ممرضة تطلب منه ان يدعوا لها في الصلاة ليغفر الله ذنوبها ويوفقها .. فقال لها (الامام ) : ( يا بنيتي : هل سبق لك ان سهرتي للصباح على صحة احد مرضاك لتامين سلامته ).
فقالت : ( نعم .. فعلت ذلك كثيرا طوال حياتي المهنية ) ..
فقال لها : ( اذا يجب انت من تدعي لنا بصلاتك وليس نحن ) .
ان ضرب القيم المجتمعية وفقا لاستراتيجية بعيدة وقريبة المدى بعمليات بناء اجنداتي مرحلي مختلف العناوين والمسميات والأساليب والملفات يجعل الأمم تفقد قواها الروحية والمادية .. بما يمهد لاشاعة الفساد واختفاء الانموذجية وسيادة الانحطاط والتفاهة التي تؤدي حتما نحو التسليم والاذلال الابدي .. عند ذاك لا حلول الا بمعجزات سماوية !
قال النبيُّ محمد ( ص ): ( إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق)
وقال شاعر العرب الكبير احمد شوقي :
(إنما الأمم الأخلاق ما بقيت…فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا..) ..