في مثل هذا اليوم 19 اكتوبر1935م..
عصبة الأمم تفرض عقوبات اقتصادية على إيطاليا وذلك بسبب قيامها بغزو إثيوبيا.
في مثل هذا اليوم 19 أكتوبر عام 1935 فرضت عصبة الأمم عقوبات اقتصادية على إيطاليا وذلك بسبب قيامها بغزو إثيوبيا، وعصبة الأمم هي إحدى المنظمات الدولية السابقة التي تأسست عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1919، الذي أنهى الحرب العالمية الأولى التي دمرت أنحاء كثيرة من العالم وأوروبا خصوصًا.
كانت هذه المنظمة سلفًا للأمم المتحدة، وهي أوّل منظمة أمن دولية هدفت إلى الحفاظ على السلام العالمي، ووصل عدد الدول المنتمية لهذه المنظمة إلى 58 دولة في أقصاه، وذلك خلال الفترة الممتدة من 28 سبتمبر سنة 1934 إلى 23 فبراير سنة 1935.
وكانت أهداف العصبة الرئيسية تتمثل في منع قيام الحرب عبر ضمان الأمن المشترك بين الدول، والحد من انتشار الأسلحة، وتسوية المنازعات الدولية عبر إجراء المفاوضات والتحكيم الدولي، كما ورد في ميثاقها.
ومن الأهداف الأخرى التي كانت عصبة الأمم قد وضعتها نصب أعينها:
تحسين أوضاع العمل بالنسبة للعمال، معاملة سكان الدول المنتدبة والمستعمرة بالمساواة مع السكان والموظفين الحكوميين التابعين للدول المنتدبة، مقاومة الاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة، والعناية بالصحة العالمية وأسرى الحرب، وحماية الأقليات العرقية في أوروبا.
ومثلت فلسفة الدبلوماسية التي أتت بها عصبة الأمم نقلة نوعية في الفكر السياسي الذي كان سائدًا في أوروبا والعالم طيلة السنوات المائة السابقة على إنشائها، وكانت العصبة تفتقد لقوة مسلحة خاصة بها قادرة على إحلال السلام العالمي الذي تدعو إليه، لذا كانت تعتمد على القوة العسكرية للدول العظمى لفرض قراراتها والعقوبات الاقتصادية على الدول المخالفة لقرار ما، أو لتكوين جيش تستخدمه عند الحاجة، غير أنها لم تلجأ لهذا أغلب الأحيان لأسباب مختلفة، منها أن أعضاء العصبة كان أغلبهم من الدول العظمى التي تتعارض مصالحها مع ما تقره الأخيرة من قرارات، فكانوا يرفضون التصديق عليها أو الخضوع لها والتجاوب معها، وغالبًا ما قام بعضهم بتحدي قراراتها عنوة وأظهر احتقارًا لها ولمن أصدرها، مثلا، اتهمت العصبة جنودًا إيطاليين باستهداف وحدات من الصليب الأحمر أثناء الحرب الإيطالية الحبشية الثانية.
فجاء رد رئيس الحكومة الإيطالية بينيتو موسوليني يقول: “إن العصبة لا تتصرف إلا عندما تسمع العصافير تصرخ من الألم، أما عندما ترى العقبان تسقط صريعة، فلا تحرك ساكنًا”، وأثبتت العصبة عجزها عن حل المشكلات الدولية وفرض هيبتها على جميع الدول دون استثناء، عندما أخذت دول معسكر المحور تستهزئ بقراراتها ولا تأخذها بعين الاعتبار، وتستخدم العنف تجاه جيرانها من الدول والأقليات العرقية قاطنة أراضيها، خلال عقد الثلاثينيات من القرن العشرين.
ورفع أحد اليهود، واسمه فرانز برينهايم، شكوى إلى العصبة يتحدث فيها عن معاملة الإدارة الألمانية العنصرية له ولأبناء دينه وشعبه في سيليزيا العليا، فما كان من الألمان إلا أن أرجأوا تنفيذ القرارات المعادية لليهود وغير الآريين حتى سنة 1937، عندما انتهت المدة التي تسمح بإشراف خبراء العصبة على وضع الأقليات في ألمانيا، فجددوا القوانين التي تنص على ملاحقة غير الآريين، ورفضوا تجديد إقامة الخبراء في البلاد.
وكانت حجة ألمانيا وغيرها من دول المحور للانسحاب من العصبة، أن بعض البنود الواردة في ميثاق الأخيرة تنتهك سيادتها، وكان نشوب الحرب العالمية الثانية بمثابة الدليل القاطع على فشل العصبة في مهمتها الرئيسية، ألا وهي منع قيام الحروب المدمّرة، وما أن وضعت الحرب أوزارها حتى تم حل العصبة، وخلفتها هيئة جديدة هي هيئة الأمم المتحدة، التي ورثت عدد من منظمات ووكالات العصبة.!!