مقطع من رواية مدينة النساء للروائي التونسي الأمين السعيددي
زهور ولدت بهذا الحي وعاشت جميع تفاصيل الحياة في هذا المكان،لم تغادره ولو يوما منذ ولدت.شاهدت الصبيان في البطحاء مع الهجير يتناولون شتى أنواع اللعب والنساء ينتقلن من الحي الى الحقول المجاورة للعمل والعودة في المساء،يحملن على ظهورهن شتى أنواع الخضر والغلال والسيارات تعبر المدينة في اتجاه العاصمة والعمال في حضائر البناء يجلسون كل مساء في المقهى المطل على النهج الذي تسكنه وتلك الخصومات في الأسواق بين التجار حول اماكن الانتصاب وصياح الخرفان كل عيد اضحى،خروج النسوة من الحمام يوم الاربعاء وتلك الاشعة الزرقاء التي تصل غرفتها كل صباح ولا تعرف مصدرها،سيارة عرفات وهو يسخن المحرك مع الفجر.
الجار على اليمين الشيخ حكيم واخوه التومي وهما يحملان ما عادا به من السوق في المساء.
تلك السيارة التي تعبر النهج في الظهيرة وهي تحمل الدلاع صيفا والخضر والغلال في الشتاء يصاحب سيرها صياح البائع متحدثا عن بضاعته،ذاكرا ثمنها وهذه الفتاة الصغيرة التي تدعى لينا تمر كل منتصف نهار من هذا المكان فتتناول وجبة الغداء في مطعم الفوار.
لينا تنحدر من عائلة ميسورة وهي قريبة من ابناء الفقراء،تحاول كلما توفرت لها فرصة مساعدة من يعترض سبيلها ومع ذلك مازالت الى الان لم تقدر على تقديم يد المساعدة لفتاة غريبة زارت الحي مرة واحدة وكانت ترتاد حانة ماريوس كل مساء.
ص:8-9
ط:1
الأمين السعيدي