عرب وين … هايكو أَين ؟
الهايكو بوصفهِ ظاهرةً أَدبيةً مُستوردة ومُسْتَهْجَنَة
سعد جاسم
—————–
كندا
لقد لاحظتُ ومن خلال قراءاتي ومتابعاتي الحثيثة هنا وهناك : ان هناك ظاهرة أدبية تدعو للتأمّل والحوار والنقاش والجدل ؛ الا وهي ظاهرة استهجان وعدم تقبّل وتلقي واستساغة
{ شعر الهايكو } وتكاثر الشعراء الذين يقومون بكتابته في الوسطين الثقافيين العراقي والعربي .
ويمكنني أَن أُشير : الى أَنَّ { البعض } من الادباء والكتّاب وخاصة المتضخمي الذوات والأناوات والذين يعترون انفسهم انهم عباقرة النقد والتنظير التفكيكي والبنيوي والابستمولوجي والبوتيقي}
قد راحوا يُعلنون بمناسبة وبدونها عن استغرابهم
وعدم قناعاتهم كوننا نحن مجموعة من الشعراء العراقيين والعرب قد اتفقنا وقررنا ؛ كما يدّعون ويُروجون هنا وهناك؛
بأننا قد هجرنا وتركنا كتابة الشعر العربي بكل اشكاله وأنماطه وتياراته .
؛ ومن ثم توجهنا وهاجرنا بكل اهتمام وشغف ومثابرة لكتابة شعر {الهايكو } الذي هو نوع وشكل وتيار وفضاء شعري ياباني الاصل؛ بمعنى انهم يعتبرونه شعرً { مستورداً } .
وإزاء هذه الظاهرة والقضية الادبية والثقافية التي اعتقدها مهمة ومثيرة للدهشة والتساؤل والاستغراب ؛ استطيع القول بكل وضوح وصراحة :
ان هذا {البعض} يتناسى وربما يجهل ويتجاهل ان كل الشعر العربي الحديث والمعاصر بقصائده ونصوصه من شعر التفعيلة وقصيدة النثر والنص المفتوح وقصيدة الومضة والسونيتات وغيرها ؛
هو في الاصل اوربي وغربي الجذور والنشأة والقواعد والاسس والمنطلقات والتجارب والرؤى الفنية والجمالية … فهل معنى هذا انه شعر { مستورد } ايضاً ؟
وليس بضاعة ادبية عربية شرعية النشأة والابتكار والصنعة .ولايُخفى ان هذا الشعر الحديث والمعاصر ؛ قد حدثت وحصلت له في بدايات انطلاقته حالات كثيرة من عدم الاستساغة
والاستهجان والتشكّي من عدم القدرة على التلقي والتذوّق والقبول حتى ؛ ولهذا فقد جرى تغييبه ومصادرته واتهام منتجيه من الشعراء الروّاد بتشويه الشعر العمودي والاساءة للتراث العربي واللغة العربية أَيضاً . اذاً وإزاء هكذا واقع حال فاننا نريد أن نتساءل : تُرى ماالذي اختلف او تغيّر في الامر ايها السادة النقاد والمُنظّرون ؟
أليسَ هي ذات القضية التي كان الشعر المعاصر والحديث قد عانى منها في بدايات انطلاقته وحتى صيرورته الصعبة والشاقة ؟ ومن ثم رسوخ وجوده وكينونته كحقيقة ادبية وثقافية
ولدت بعد عملية قيصيرية عسيرة جداً نتيجة لطبيعة وظروف وتحولات ذلك العصر الصاخب والمُلتبس الذي كان من المنطقي والطبيعي ان تحدث خلاله مجموعة من التحولات والتغيرات الادبية والثقافية والفكرية والمعرفية ؟
وقد صدقَ مَنْ قال : ان كل جديد مرفوض ومطرود ومنبوذ في عالمنا العربي الذي يعاني انسانه أولاً ومثقفه ثانياً من الكثير من العُقد والامراض الجسدية والنفسية؛
ناهيك عن الجهل والتخلّف والأمية والدونية والذل والخنوع وووو الخ … الخ. ويبدو حقاً أن شرُّ البلية مايُدعونا للضحك الذي يشبه البكاء على واقع حال ثقافتنا العربية الراهنة
التي تعاني من الجمود والركود والتردي والتراجع المحزن ؛ وكذلك يدعونا هذا المصير الموجع والقاسي والغامض الى القلق والأسف على احوال ومصائر ادبائنا وكتّابنا ومثقفينا
الذين يبدون انهم مازالوا يعيشون في عصور ماقبل ظهور ونشوء وانطلاق المذاهب والتيارات والاجناس والانماط والثورات الشعرية المعاصرة
والحداثوية وماوراء الحداثوية ونزعات المغايرة والمغامرة الابداعية التي ابتكرتها وإحترفتها وانجزت من خلالها كل ماهو ابداعي وجمالي مجموعة
من الشخصيات المبدعة والمتحضرة والمثابرة والجادة والمجتهدة ؛ وكذلك فان هذه الشخصيات قد جاهدت واجتهدت وسهرت من اجل ابتكار وانجاز أهم
وأشهر المذاهب والتيارات والحركات والنتاجات الادبية والفكرية والمعرفية والفلسفية في العالم .
——————-
شاعر عراقي مقيم في كندا
Discussion about this post