في مثل هذا اليوم5 نوفمبر1789م..
الجمعية الوطنية الفرنسية توافق على قانون المساواة بين المواطنين.
إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسي لسنة 1789
صدر في أعقاب الثورة الفرنسية التي كان سببها انتهاك حقوق الإنسان، وقد تميزت هذه الوثيقة الفرنسية عن غيرها ممن سبقها من الدول الغربية وخصوصا انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية بأنها أكثر شمولية ووضوحا بالنسبة لحماية حقوق الإنسان، كما أنها لم تقتصر على حماية المواطن الفرنسي فقط، بل اتسع نطاقها لتشمل جميع الناس، وركزت مقدمة الإعلان على ضرورة تعريف الإنسان بحقوقه وتذكيره بها (لأن جهل حقوق إنسان أو نسيانها أو ازدرائها هي الأسباب الوحيدة للمصائب العامة، وجاء في مقدمة الإعلان: (إن ممثلي شعب فرنسا مشكلين في هيئة جمعية وطنية قد توضح لهم إن الجهل والإهمال واحتقار حقوق الإنسان هي الأسباب الرئيسة للمصائب العامة وفساد الحكومات وقد قرروا ان يطرحوا في الإعلان هذه الحقوق الطبيعية الثابتة التي لا يجوز الانتقاص منها). لقد عول الشعب الفرنسي كثيراً على الثورة التي حملت لواء الحرية والمساواة بين أفراد المجتمع، وجاءت الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الجمعية الوطنية ملبية تماماً لأهداف ورغبات الشعب، فقد كان الشعار الذي رفعته الثورة (الحرية،العدالة، الإخاء)، كافي لتحقيق المساواة والرفاهية للشعب، ولم يبق إلا ان تشرع الجمعية الدستور والقوانين التي تحدد حقوق المواطن وتصونها وتحميها من جور السلطة، فكانت ولادة إعلان حقوق الإنسان والمواطن في 26 آب 1789.
صاغ الإعلان الـماركيز دي لافاييت وتبنته الجمعية الوطنية، وقد وُضِع كي يشكل أساسا للانتقال من حكم ملكي مطلق إلى حكم ملكي دستوري. هدفت العديد من مواد الإعلان إلى إلغاء بعض مؤسسات النظام القديم لفرنسا ما قبل الثورة. عمليّا، تحوّلت فرنسا إلى جمهورية وأصبح الإعلان من وثائقها الأساسية.
تعتمد مبادئ الإعلان على عدة مبادئ فلسفية وسياسية من عصر التنوير، مثل الفردية، العقد الاجتماعي كما عرّفه روسو، فصل السلطات بحسب مونتسكيو. وربما استفاد الفرنسيون من إعلان الاستقلال الأمريكي في 3 أيار/مايو 1776 وإعلان فرجينيا للحقوق في 12 حزيران/يونيو 1776 الذي صاغه جورج مايسون. تمت الموافقة عليه من قبل الجمعية التأسيسية الوطنية في 26 آب/أغسطس عام 1789. أهم ما تضمنه هذا الإعلان
كان الفيكونت دي نوال Noailles فقيرا وبالتالي كان يمكنه تحمل هذه الإجراءات تماما، لكن دوق ديجلون The Duc d` Aiguillon كان من بين أغنى البارونات وثنى على الاقتراح وأعلن قبوله ذا الوقع الشديد قائلاً: “إن الناس قد حاولوا أخيراً أن ينفضوا عن كاهلهم نير العبودية الجاثم عليهم طوال قرون طويلة مضت، ويجب أن نعترف أنَّه رغم ضرورة شجب هذا العصيان المسلح وأن من الضروري أن نلتمس للثائرين عذراً فقد كانوا ضحايا بشكل مثير” وقد دفع هذا الاعتراف النبلاء الليبراليين إلى تأييده بحماس، فتزاحموا واحدا إثر الآخر لإعلان تخليهم عن امتيازاتهم التي كانوا يطالبون بها، وبعد ساعات من التخلي ذي الطابع الحماسي أعلنت الجمعية الوطنية في الساعة الثانية من صباح 5 آب/أغسطس تحرير الفلاحين، وجرى إضافة بعض التحفظات بعد ذلك تطالب الفلاحين بدفع مبالغ على أقساط دورية لاسترداد رسوم معينة، لكن مقاومة هذه الفكرة جعلت تحصيلها غير عملي، وبذلك كان في هذا القرار إنهاء حقيقي للنظام الإقطاعي. وكان توقيع الملك على تخلي النبلاء عن امتيازاتهم مدعاة إلى اعتباره كما سجل في المادة 61 “معيد الحرية الفرنسية”
واستمرت موجة المشاعر الإنسانية مدة طويلة تكفي لإبراز وثيقة تاريخية أخرى هي “إعلان حقوق الإنسان” والمواطن (26 آب/أغسطس 1789) وقد اقترح هذه الوثيقة لافاييت Lafayette الذي كان لا يزال متحمساً لتأثره بإعلان الاستقلال ووثائق الحقوق التي أعلنتها عدة ولايات أمريكية، وأيد النبلاء الأصغرون سناً في الجمعية مبدأ المساواة لأنهم كانوا قد عانوا من المزايا الوراثية التي كان يتمتع بها أكبر الأبناء، وبعضهم مثل ميرابو Mirabeau كان قد عانى من السجن التعسفي.
وشــجب المندوبـون البورجوازيـون تفـرد الأرســتقراطيين بالوضعيــة الاجتماعيــة واحتكــار النبلاء المناصــب العليا فــي المجالين المدني والعسكري. وكان معظم الأعضاء قد قرأوا ما كتبه روسو Rousseau عن الإرادة العامة وقبلوا ما اعتقده هذا الفيلسوف من أن لكل إنسان حقوقا أساسية بمقتضى القانون الطبيعي. لكل هذا لم تكن هناك سوى معارضة قليلة لأن يتصدر الدستور الجديد إعلانا بدا مكملاً للثورة. وكانت بعض المواد تتضمن تكراراً :
– مادة 1: ولد الناس أحرارا ويظلون أحراراً ومتساويين في الحقوق
– مادة 2: هدف التنظيمات السياسية هو ضمان الحقوق الطبيعية التي لا يمكن انتزاعها بحكم القانون أو العادة للإنسان (الحقوق الأساسية) وهذه الحقوق هي الحرية والملكية والأمن ومقاومة الجور.
– مادة 4: الحرية هي أن يمارس الفرد كل ما يحلو له شريطة ألا يكون في ذلك ضرر للآخرين، ومن هنا فإن ممارسة كل إنسان لحقوقه الطبيعية لا حد لها إذا عاقت أفراد المجتمع الآخرين عن التمتع بالحقوق نفسها. ومن ثم فهذه الحدود لا يرسمها إلا القانون …
– مادة 6: القانون هو تعبير عن الإرادة العامة، ولكل مواطن الحق في المشاركة شخصياً أو من خلال ممثل له في صياغته (أي القانون)… والمواطنين كلهم سواء في نظر القانون، ولهم حقوق متساوية في شغل المناصب والوظائف العامة على وفق قدراتهم …
– مادة 7: لا يجوز اتهام أي شخص أو القبض عليه أو سجنه إلا على وفق الطرائق التي يحددها القانون ….
– مادة 9: الأفراد كلهم أبرياء إلى أن تثبت إدانتهم، وإذا حتمت الضرورة القبض على أي شخص فإن القانون يمنع بشدة استخدام العنف مع السجين أو المعتقل.
– مادة 10: لا يضار أحد بسبب آرائه بما في ذلك معتقداته الدينية طالما أن إظهار هذه الآراء والمعتقدات لا يخل بالنظام العام كما يحدده القانون.
– مادة 11: حرية تداول الأفكار والآراء مكفولة وهي من أهم حقوق الإنسان، فكل مواطن له حق الكلام والكتابة وله أن ينشر ما يريد بحرية لكنه سيكون مسئولاً إذا أساء استخدام هذه الحرية مسئولية سيحددها القانون.
– مادة 17: ما دامت الملكية حقاً مقدساً لا يجب انتهاكه فلن يسلب أحد ممتلكاته أو يجرد منها إلا على وفق ما تمليه المصلحة العامة وهو الأمر الذي يحدده القانون بوضوح، وفي حالة نزعها – أي الملكية – لا بد من تقديم تعويض عادل ومنصف للمنزوع ملكيته.
ومع تأكيد هذه المثاليات الديمقراطية ظل هناك بعض القصور فقد ظل الرق مستمراً ومسموحاً به في مستعمرات فرنسا في الكاريبي حتى أبطلها ميثاق إبطال الرق في سنة 1937
نص الدستور الجديد حق الاقتراع وشغل المناصب العامة على دافعي الحد الأدنى من الضرائب. وظلت الحقوق المدنية غير كاملة بالنسبة للممثلين والبروتستانت واليهود. وامتنع لويس السادس عشر عن الموافقة على الإعلان على أساس أنه سيؤدي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار. ولم يبق أمام الباريسيين سوى إجباره على القبول.
يحتوي الإعلان نواة إعادة ترتيب المجتمع بشكل راديكالي. 6 أسابيع بعد سقوط الباستيل و3 أسابيع بعد الغاء الإقطاع، نادى الإعلان بمبدأ سلطة الشعب وتساوي الفرص !!
أعجبني
تعليق
مشاركة
Discussion about this post