في مثل هذا اليوم8 يناير2020م..
تحطُّم طائرة رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية 752 بُعيد إقلاعها بِفترةٍ قصيرةٍ من طهران، ومقتل جميع الرُكَّاب على متنها، البالغ عددهم 176 شخصًا.
رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية 752 (PS752) كانت رحلة ركاب دولية مجدولة من طهران إلى كييف تديرها الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية. في 8 يناير 2020، أسقط الحرس الثوري الإيراني طائرة تلك الرحلة، وهي من طراز بوينغ 737-800، بعد وقت قصير من إقلاعها من مطار الإمام الخميني الدولي في طهران وعزا الحادث إلى خطأ بشري. وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني الحادث في وقت لاحق بأنه «خطأ لا يُغتفر». قُتل جميع ركاب الطائرة البالغ عددهم 176 راكباً، مما يجعلها أكثر الكوارث الجوية دموية في إيران منذ حادث تحطم طائرة إيران إليوشن إي أل-76 عام 2003، والتي راح ضحيتها 275 شخص. ويُعد هذا الحادث أول حادث طيران قاتل منذ بدء تشغيل الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية في عام 1992. هذه أسوأ حادثة إسقاط طائرة في إيران منذ الرحلة الجوية 655 في عام 1988. والأسوأ منذ إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية الرحلة 17 في عام 2014.
في البداية نفت سلطات الطيران الإيرانية إصابة الطائرة قائلة إن هناك خطأ تقني في الطائرة. قالت السلطات الأوكرانية بعد مسايرتها في البداية إلى التفسير الإيراني، إن إسقاط الطائرة بصاروخ كان أحد النظريات الرئيسية التي تعمل عليها. صرح المسؤولون الأمريكيون والكنديون والبريطانيون بأنهم يعتقدون أن الطائرة قد أسقطها صاروخ أرض جو من طراز تور M1 أطلقته إيران. بعد ثلاثة أيام، في 11 يناير، ذكر فيلق الحرس الثوري بأنهم أسقطوا الطائرة بعد أن اعتقدوا خطأً بأنها صاروخ كروز أمريكي.
وقع الحادث خلال فترة من التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران، حيث وقع بعد خمسة أيام من غارة جوية بطائرة بدون طيار أسفرت عن مقتل اللواء قاسم سليماني وبعد ساعات من الهجمات الصاروخية الانتقامية التي شنتها إيران على القوات الأمريكية في العراق. وسبقه أمر من إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية بتجنب جميع الطائرات المدنية الأمريكية المجال الجوي الإيراني وتلاه أوامر مماثلة من قبل العديد من الدول وشركات الطيران الأخرى.
كانت الرحلة التي تشغلها شركة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية، وهي الناقل الوطني وأكبر شركة طيران في أوكرانيا، على متن رحلة مجدولة من مطار الإمام الخميني الدولي في العاصمة طهران إلى مطار بوريسبيل الدولي في العاصمة الأوكرانية كييف. وكانت الطائرة تقل 176 شخصًا من بينهم 15 طفلاً و9 من أفراد الطاقم.
كان من المفترض أن تُقلع الرحلة 752 في الساعة 05:15 بالتوقيت المحلي، إلا أنها تأخرت لمدة ساعة تقريبًا. أقلعت من طهران الساعة 06:12 بالتوقيت المحلي وكان من المتوقع أن تهبط في كييف في الساعة 08:00 بالتوقيت المحلي. لا تظهر بيانات الرحلة من فلايت رادار 24 أي اختلاف في بيانات السرعة أو الارتفاع عما تعرضه رحلة عادية. كانت بيانات إيه دي إس-بي النهائية الواردة الساعة 06:14 بعد أقل من 3 دقائق من المغادرة. ووفقًا للبيانات كان آخر ارتفاع مسجل هو ارتفاع 2,415 متر (7,923 قدم) فوق مستوى سطح البحر مع سرعة أرضية تبلغ 275 عقدة (509 كم/س)، علما بأن أرض المطار على ارتفاع 3,305 قدم فوق مستوى سطح البحر، مما يجعل الارتفاع المطلق يبلغ 4,620 قدمًا. وكانت الطائرة تعلو عندما انتهى سجل الارتفاع فجأة. هناك مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر لحظة السقوط؛ ويظهر في الفيديو اشتعال النيران في الطائرة عندما بدأت في السقوط، مع تفكك بعض أجزائها في الجو؛ قبل أن تتحطّم في المنطقة بين برند وشهريار ومن ثمّ انفجرت. لم تؤكد وكالة أنباء الطلبة الإيرانية صحّة الفيديو، لكنها ذكرت أن الطائرة كانت تحترق قبل تحطمها، مما أدى إلى تكهنات بإسقاط مُحتمل.
بعد وقت قصير من الحادث، وصلت قوات الطوارئ مع 22 سيارة إسعاف وأربعة حافلات إسعاف، وطائرة هليكوبتر، وحالت الحرائق والنيران الكثيفة دون محاولة الإنقاذ. وتناثر الحطام على مساحة واسعة، ولم يُعثر على ناجين في موقع التحطم الذي مركزه 35 ° 33’40.0 “N 51 ° 06’14.0” E، وطُمست كل معالم الطائرة بسبب الصدمة.
الطائرة
حطام الرحلة 752 مع وجود قرص التوربينات المحرك في المقدمة
كانت الطائرة من طراز بوينج 737-8KV، وتحمل الرقم التسلسلي 38124، تسجيل UR-PSR. كان عمرها 3 سنوات و7 أشهر وقت تحطمها. كانت الطائرة قد حلقت لأول مرة في 21 حزيران/يونيو 2016. سُلّمت إلى شركة الطيران في 19 تموز/يوليو 2016 وكانت أول طائرة مملوكة لشركة الطيران.
قال المتحدث الرسمي باسم منظمة الطيران المدني الإيراني، رضا جعفر زاده في 8 يناير 2020 أنه أرسل فريق من المحققين إلى موقع التحطم. وقال رئيس لجنة الحوادث في منظمة الطيران المدني الإيراني إنه لم يتلق أي رسالة طارئة من الطائرة قبل تحطمها. أفيد أنه تم استعادة الصناديق السوداء للطائرة (مسجل صوت قمرة القيادة ومسجل بيانات الرحلة)، ولكن منظمة الطيران المدني الإيراني رفضت تسليم الأجهزة إلى شركة بوينج. وقال المتحدث علي عابد زاده إنه ليس من الواضح إلى أي بلد سيتم إرسال الصندوق حتى يمكن تحليل بياناته. وبموجب القواعد القياسية لمنظمة الطيران المدني الدولي، سوف يشارك المجلس القومي الأمريكي لسلامة النقل في التحقيق، حيث يمثلون الشركة المصنعة للطائرة. وسيشارك مكتب فرنسا للدراسات الأمنية والحماية المدنية بصفته ممثلًا لمُصنعي محركات الطائرات، وستشارك وزارة البنية التحتية في أوكرانيا كممثلين للدولة التي تم تسجيل الطائرة فيها. ولكن نظرًا للتوترات الحالية في إيران فليس من المعروف كيف ستشارك هذه المنظمات، على الرغم من أن إيران ذكرت أن السلطات الأمريكية والفرنسية والأوكرانية ستشارك.
في 8 يناير 2020، قالت الحكومة الأوكرانية إنها سترسل خبراء إلى طهران للمساعدة في التحقيق. وأصدر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تعليماته للمدعي العام الأوكراني بفتح تحقيق جنائي في الحادث. وقالت السفارة الأوكرانية في إيران إن التفاصيل الأولية تشير إلى عطل في المحرك. كما أصدرت بيانًا يستبعد الإرهاب، لكنها سرعان ما أزالت البيان. وفي وقت لاحق من نفس اليوم، قالت السفارة الأوكرانية في إيران إن أي شيء ممكن، ورفضت استبعاد أن تكون الطائرة قد أصيبت بصاروخ.
قالت وزارة الطرق والنقل الإيرانية في 8 يناير 2020 إن الطائرة اشتعلت فيها النيران بعد اندلاع حريق في أحد محركاتها، مما تسبب في فقد الطيار السيطرة وتحطمها على الأرض.
وذكر بيان صادر من السفارة الأوكرانية في طهران أن «عطلا في المحرك»، وليس هجوما بصاروخ أو عملا إرهابيا، تسبب في تحطم طائرة الركاب. ولكن، بعد ساعات، أصدرت السفارة بيانا ثانيا، حذفت فيهِ الإشارة إلى تحطمها بسبب عطل في المحرك. وبدا أن هناك بلبلة كثيرة رافقت حادثة تحطم الطائرة، خاصة أنها تزامنت مع إطلاق إيران صواريخ باليستية على قواعد تستضيف قوات أميركية في العراق. ومما زاد الأمر غموضاً هو أن قائد الطائرة لم يعلن حالة الطوارئ، ورفضت إيران تسليم الصندوقين الأسودين لشركة «بوينغ».
كما انتشر فيديو للحظة إصابة الطائرة، من كاميرا هاتف لأحد الشهود على الأرض، على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تؤكد ذلك صحيفة «نيويورك تايمز» توثيقه لحظة ضرب الطائرة بالصاروخ، ونشر الفيديو على تطبيق تيليغرام، قبل أن تؤكد الصحيفة الأميركية أنه بالفعل يوثق لحظة ضرب الطائرة بصاروخ إيراني. وتم التحقق منه، وأنه يظهر لحظة ضرب صاروخ إيراني للطائرة فوق منطقة باراند، قرب مطار طهران، وهي المنطقة التي توقفت فيها طائرة الركاب الأوكرانية عن إرسال الإشارة قبل تحطمها، وتسبب الصاروخ بانفجار صغير عند ضربه للطائرة، ولم تنفجر بعدها الطائرة فورا، بل واصلت التحليق لعدة دقائق عائدة باتجاه المطار، قبل أن تنفجر وتتحطم فجأة، وفقا لمحللي صحيفة «نيويورك تايمز». وعلى أثر ذلك دعت إيران كندا يوم الخميس 9 يناير لتبادل المعلومات مع طهران بشأن الطائرة الأوكرانية المنكوبة بعد أن قال رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو إن أوتاوا لديها معلومات مخابرات تشير إلى أنها أصيبت بصاروخ إيراني. ثم صرح رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون إن هناك أدلة على أن الطائرة التي تحطمت في إيران أُسقطت بصاروخ أرض جو ربما أُطلق دون قصد. في الساعة الرابعة صباحاً بتوقيت غرينتش بتاريخ 11 يناير 2020 أعلن التلفزيون الإيراني أن الحرس الثوري أسقط الطائرة عن طريق الخطأ بصاروخ قصير المدى.
في 2 فبراير، كشف تسجيل صوتي مسرب عن تفاصيل جديدة حول تحطم طائرة ركاب أوكرانية. في تبادل معلومات فارسي، سمع طيار إيراني يبلغ مراقبًا جويًا في مطار طهران بأنه شاهد وميضًا في السماء، مثل انفجار صاروخي. بعد التسريب اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إيران بأنها كانت على علم منذ البداية بأن الطائرة قد سقطت بصاروخ.!!
Discussion about this post