في مثل هذا اليوم23 يونيو 1532م..
ملك إنجلترا هنري الثامن وملك فرنسا فرانسوا الأول يوقعان معاهدة سرية ضد إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة وملك إسبانيا كارلوس الخامس.
هنري الثامن (28 يونيو 1491 – 28 يناير 1547)، ملك إنجلترا منذ 21 أبريل 1509 وحتى وفاته، ولورد أيرلندا ثم ملكها بعد ذلك، والمطالب بحقه في تاج مملكة فرنسا. كان هنري الثامن ثاني ملوك أسرة تيودور خلفًا لوالده هنري السابع.
إلى جانب زيجاته الست، لعب هنري الثامن دورًا هامًا في انفصال كنيسة إنجلترا عن الكنيسة الكاثوليكية. أدى الصدام بين هنري الثامن وروما إلى انفصال كنيسة إنجلترا عن سلطة الباباوية وحل الأديرة وتعيينه لنفسه رأسًا لكنيسة إنجلترا. لكنه ظل مؤمنًا في داخله بالتعاليم الدينية الكاثوليكية، حتى بعد قطع الصلة مع الكنيسة الكاثوليكية. أشرف هنري الثامن أيضًا على الاتحاد القانوني بين إنجلترا وويلز عن طريق سن قوانين تقنن الاتحاد بين عامي 1535-1542.
كان هنري الثامن جذابًا متعلمًا بارع في الخطابة، ويعده البعض “أحد أكثر الحكام الذين جلسوا على عرش إنجلترا كاريزما.” أدت رغبته في إنجاب وريث ذكر لعرشه، -لاعتقاده أن البنات لا يصلحن للحكم والمحافظة على وحدة أسرة تيودور وفرض السلام الذي تحقق بعد حرب الوردتين- إلى شيئين خلدا ذكر هنري الثامن : زيجاته الست والإصلاح الإنجليزي، والذي حوّل إنجلترا إلى أمة معظمها من البروتستانت. وفي نهاية حياته، عانى هنري من البدانة المفرطة، وتدهورت صحته. وقد كانت نظرة العامة إليه أنه ملك شهواني وقاسٍ وأناني وغير مأمون الجانب.
فرنسوا الأول أو فرنسيس الأول (François Ier) عاش (كونياك 1494م – رامبوييه 1547م) هو ملك فرنسا (1515 – 1547م)، وابن شارل من أورليان، كونت أونغوليم (Charles d’Orléans, comte d’Angoulême)، والدته “لويز من سافوا” (Louise de Savoie).
تولى حكم” مقاطعة أنغوليم” (شمالي بوردو في الجنوب الغربي لفرنسا) خلفا لأبيه، وحمل لقب كونت، كما أصبح دوقا على منطقة الفالوا (Valois: شمالي باريس). انتقل إليه عرش فرنسا بعد وفاة أحد أعمامه، الملك السابق “لويس الثاني عشر” (هو ابن عم “شارل من أورليان” -والد فرنسوا الأول-، ويشتركان في جدهما “لويس، دوق أورليان” ت.1407 م)، وكان “فرنسوا” قد اقترن بابنته (أي الملك) “كلود من فرنسا” (Claude de France). قام بمجرد اعتلاءه سدة الحكم بمواصلة سياسة أسلافه اتجاه إيطاليا، فاجتاز على رأس قواته جبال الألب ثم ألحق هزيمة بالسويسريين في مارينيان (Marignan) عام 1515 م، قبل أن يعرج على شمال إيطاليا، ويستحوذ على منطقة ميلانو. فشل في أن يحمل الأمراء الجرمانيين على انتخابه إمبراطورا (كان اللقب رمزيا)، وانتزع غريمه شارل الخامس هذا اللقب. أصبح الأخير وعن طريق أملاكه في هولندا، بورغنديا وشمال إيطاليا، يشكل تهديدا مباشرا لمملكة فرنسا. حاول فرنسوا ولمواجهة خصمه القوي، أن يتحالف (1520 م) مع الملك هنري الثامن من إنكلترا، إلا أن الأخير والذي كانت تربطه علاقة مصاهرة (عن طريق زوجته “كاترين من أراغون”) مع شارل الخامس فضل عدم المخاطرة.
في مواجهة شارل الخامس
منذ هذه الفترة ركز “فرنسوا” كل جهوده لمحاربة طموحات شارل الخامس وأسرة هابسبورغ، اندلعت أولى المواجهات بيت الطرفين، وفقد “فرانسوا الأول” قائد جيشه الذي فضل أن ينتقل إلى المعسكر الآخر، فتوالت الهزائم، وكانت أشدها في “بافيا” (إيطاليا) عام 1525 م، والتي وقع الملك نفسه على أثرها أسيرا في أيد أعدائه، فأرسل مقيدا إلى العاصمة الإمبراطورية (مدريد)، وأجبر على التوقيع على معاهدة (1526 م) يقوم فيها بتسليم كامل منطقة ميلانو ومقاطعة بورغونيا إلى الأسبان. أطلق سراحه، فأعلن أنه في حِل من العهود السابقة، قام بالتحالف مع البابا “كليمينت السابع” (1523-1534 م) والذي دخل في نزاع هو الآخر مع الإمبراطور شارل لخامس، اشتعلت المواجهات من جديد بين فرنسا والهبسبورغ على إثر هذا التحالف، إلا أن أطراف داخلية تدخلت وتم التوقيع على معاهدة كامبريي (Cambrai) عام 1529 م والتي تخلت فرنسا بموجبها عن مطالبتها بشمال إيطاليا في مقابل اعتراف إسبانيا بسيادتها على منطقة بورغونيا.
أصبح الجو هادئا بين الخصمين أثناء هذه الفترة، فقام الملك فرنسوا الأول -كانت زوجته الأولى قد توفيت- بالزواج من أخت الإمبراطور: “إليانور من هبسبورغ” (1529 م). إلا أن زواجه الجديد لم يشغله عن التفكير في عقد تحالفات جديدة: مع الأمراء البروتستانت داخل الإمبراطورية الجرمانية، والذين خرجوا عن طاعة الإمبراطور شارل الخامس، ثم مع العثمانيين، والذين كانوا يخوضون صراعا عنيفا مع إسبانيا للسيطرة على البحر المتوسط. تواصلت الحرب من جديد، وحاولت الجيوش الإمبراطورية أن تستولى على “إقليم بروفنسا”، إلا أنها هزمت على يد القوات الفرنسية (1544 م). انتهت هذه المرحلة بتوقيع معاهدة كريبي (1544 م) والتزم فيها فرنسوا الأول، بإعادة مقاطعتي “سفويا” (بين إيطاليا وفرنسا) و”بييمونتي” (حاضرتها مدينة “تورينو”)، كما تخلى عن مطالبته بأراضي: “فلاندر” (في بلجيكا وهولندا)، أرتوا (في فرنسا) ومملكة نابولي. أما شارل خامس فقد تخلي بدوره عن “مقاطعة بورغونيا” لصالح الملك الفرنسي. كانت هذه المعاهدة آخر الأحداث في مسلسل الحروب الإيطالية، والتي اندلعت بسبب محاولة كل طرف (فرنسا والهبسبورغ) السيطرة على شمال إيطاليا نظرا لغناها المادي والثقافي.!
!شارلكان أو كارلوس الخامس هابسبورغ (خنت، 24 فبراير 1500 – كواكوس دي يستي، 21 سبتمبر 1558) ملك إسبانيا وإمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة.
أحد أعظم الشخصيات في التاريخ الأوروبي، توّج ملكاً لإسبانيا باسم كارلوس الأول وملك إيطاليا وأرشيدوق النمسا ورأس الإمبراطورية الرومانية المقدسة، حكم إمبراطورية مترامية الأطراف وموزعة على ثلاث قارات، فقيل إن الشمس لا تغيب عنها.
كان كارلوس الخامس أو كما هو معروف أيضاً باسم شارلكان – من أعظم ملوك القرن السادس عشر . فقد كانت مساحة أراضيه عندما كانت إمبراطوريته في ذروة مجدها أكثر إتساعاً من أراضي أي ملك سابق، وتشمل إسبانيا وكل ممتلكاتها فيما وراء البحار في أميركا الجنوبية ، والمكسيك والشرق، وهولندا ، وبورغندي ، وألمانيا ، ونابولي . وكانت حياته العملية حافلة، وحروبه ناجحة في أغلب الأحيان . هزم ملك فرنسا في بافيا وأسره سنة 1525 م، وبعد سنتين هاجم روما ونهبها، وأسر البابا . كما أفلت من هزيمة محققة أمام الأتراك العثمانيون بعد أن حاصرت جيوشهم عاصمة النمسا فيينا سنة 1532 م وكانوا بقيادة أقوى سلاطين آل عثمان سليمان القانوني .
وفي أواخر حياته، تنازل كارلوس الخامس عن العرش موزعاً ملكه بين أبنه فيليب الإسباني وأخيه فرديناند، وفي نهاية الأمر أنسحب للحياة في أحد الأديرة سنة 1557 م .!!
Discussion about this post