في مثل هذا اليوم 25 يوليو1982م
بشير الجميل يعلن ترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية اللبنانية.
بشير بيار الجُمَيِّل (10 نوفمبر 1947 – 14 سبتمبر 1982)، قائد عسكري لبناني، قاد القوات اللبنانية (الجناح العسكري لحزب الكتائب) خلال الحرب الأهلية. انتخب رئيسًا للبنان عام 1982.
ولد الجميل في بيروت، وإنضمّ إلى حزب الكتائب الذي أسسه والده بيار الجميل. تولّى قيادة الجناح العسكري للكتائب مع بداية الحرب الأهلية ضد الحركة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتلقّى دعمًا سياسيًا وعسكريًا من إسرائيل. شاركت قواته في مذابح السبت الأسود، ومجزرة الكرنتينا، ومجزرة تل الزعتر، حيث قُتل المئات من المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين، كما قاد معركة زحلة وحرب المئة يوم ضد الجيش السوري.
تمكّن من فرض نفسه قائدًا للمسيحيين بعد تصفية منافسيه ضمن الجبهة اللبنانية من خلال مجزرة إهدن ومجزرة الصفرا حيث قام أعضاء من القوات اللبنانية بقتل طوني فرنجية زعيم جيش تحرير زغرتا بالإضافة إلى أعضاء ميليشيا النمور.
في 23 أغسطس 1982، أنتخبه مجلس النواب رئيسًا للجمهورية خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، إلا أنّه أُغتيل في 14 سبتمبر قبل أن يستلم المنصب، عندما إنفجرت قنبلة في معقل الكتائب في الأشرفية. تبيّن لاحقًا أن المسؤول عن العملية هو حبيب الشرتوني، العضو في الحزب السوري القومي الإجتماعي.
يوصف الجميل بأنه «أكثر شخصية إثارة للجدل في لبنان»، فهو يحظى بشعبية لدى المسيحيين، الذين يرون فيه مقاومًا وشهيدًا، إلا أنّ معارضيه ينتقدونه بسبب جرائم الحرب ويعتبرونه خائنًا للوطن نظرًا لعلاقته بإسرائيل.
النشأة
ولد بشير الجميل في الأشرفية في مدينة بيروت يوم 10 نوفمبر 1947، وكان أصغر طفل في عائلة تعود أصولها إلى قرية بكفيا في قضاء المتن، وهي عائلة سياسية مسيحية بارزة. والده بيار الجميل قام بدراسة علم العقاقير في أوروبا وأسس، عند عودته إلى لبنان، حزب الكتائب كحركة شبابية في 1936، متأثرًا بالأحزاب الفاشية الإسبانية والإيطالية التي رآها هناك. وصل أعضاء الحزب إلى 40,000 وأصبح وزيرًا في الحكومة. أستهدف مرتين في محاولتي إغتيال، قبل أن يتوفى عام 1982.
إلتحق الجميل بمدرسة نوتردام الجمهور، لكنّه طرد منها عام 1962 بسبب «تعصّبه لحزب الكتائب»، وإنتقل بعدها إلى مؤسسة لبنان الحديثة في الفنار، التي كان يديرها صديق والده الأب ميشال خليفة. أكمل دراسته الجامعية في جامعة القديس يوسف في بيروت. بعد أن درّس مادة التربية ثلاث سنوات في مؤسسة لبنان الحديث، تخرّج في 1971 بشهادة بكالوريوس في القانون ولاحقًا في العلوم السياسية عام 1973. في 1972، سافر إلى الولايات المتحدة ليستكمل تعليمه في مركز القانون الأمريكي والدولي بالقرب من ولاية دالاس. عاد إلى لبنان في سبتمبر من نفس العام، وإنضم في 1972 إلى نقابة المحامين وفتح مكتبًا في شارع الحمراء في بيروت الغربية.
حزب الكتائب
الإنضمام للحزب
إنضم الجميل إلى قطاع الشباب بحزب الكتائب عندما كان بعمر 12 سنة. أمضى وقتًا طويلًا مع الجناح العسكري للحزب بعد أزمة 1958، وحضر إجتماعات قطاع التلاميذ وترأس دائرة الكتائب في جامعة القديس يوسف بين 1965 و1971. في 1968، شارك في ندوة طلابية نظمتها جريدة الأوريان، بعد النزاعات التي حدث في الجامعات اللبنانية بين الطلاب المسلمين واليساريين الذين يدعمون المقاومة الفلسطينية في لبنان من جهة، والقوميين المسيحيين الذين كان الجميل ضمنهم من جهة أخرى.
الدخول في الجناح العسكري
مع نهاية السيتينيات، خضع بشير الجميل لتدريب شبه عسكري في بكفيا، وعيّن قائد لإحدى الفرق ضمن قوى الكتائب النظامية. تبعًا للصراعات بين الجيش اللبناني ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1968 و1969، قام الجميل مع بداية السبعينيات بتجميع طلاب من الأشرفية، وأشرف على تدريبهم في في معسكر الطابرية التدريبي، الموجود قرب بشري في قضاء كسروان. كانت هذه بداية ما أصبحت لاحقًا سرية الطلاب الأولى في ميليشيا القوات اللبنانية. في هذه الفترة، كان الجميل ضابطًا في ميليشيا تحت قيادة وليم حاوي، مؤسس قوى الكتائب النظامية.
بشير الجميل مع والده بيار
في 1970، أختطف مقاتلين فلسطينيين الجميل، وقيد إلى مخيم تل الزعتر حيث تعرّض للضرب. أُطلِّق سراحه بعد ثمانية ساعات بعد توسّط وزير الداخلية آنذاك كمال جنبلاط عند ياسر عرفات، ويعتقد أن هذه الحادثة سبّبت كراهية عند الجميل تجاه الفلسطينيين. إنضم لاحقًا إلى فرقة ب.ج. التي كونها وليم حاوي. تقرّب من جان نادر، رئيس قطاع الكتائب في الأشرفية آنذاك، وأصبح نائب في الفترة بين 1971 و1975.
تولّى في الفترة التالية قيادة فرقة ب.ج. بترشيح من أعضائها. كان المجموعة مكونة من 12 عضوًا ذوي تدريب خاص، أمثال فؤاد أبو نادر، فادي أفرام، إيلي حبيقية، وعرفوا بعنفهم في المعارك، لكنّهم لم يخضعوا لسيطرة قيادة الحزب مباشرةً. أراد الجميل أن يترشح لمنصب نائب رئيس الحزب، إلا أن رجاله طلبوا منهم أن يركّز على قيادة القوات اللبنانية.
قدّم الجميل إستقالته من الحزب في 1976، إعتراضًا على موافقة المجلس السياسي للكتائب على دخول قوات الردع العربية المكوّنة من القوات المسلحة السورية إلى لبنان لإنهاء الحرب الأهلية.
في 1982، غزت إسرائيل لبنان، وكان وزير الدفاع الإسرائيلي أرئيل شارون قد إجتمع بالجميل قبل الغزو بعدّة أشهر وأخبره بأن قوات الدفاع الإسرائيلية تخطط لغزو لبنان لطرد الفلسطينيين وإيصاله إلى رئاسة الجمهورية. استمرت إسرائيل بتقديم الدعم للقوات اللبنانية عسكريًا وسياسيًا.
إلتقى الجميل بهاني الحسن ممثلًا عن منظمة التحرير، وأخبره بأن إسرائيل قادمة لـ«مسح منظمة التحرير نهائيًا» ونصحه أن يخرجوا من لبنان بسلام قبل فوات الآوان، إلا أن الحسن غادر بلا رد.
حصل الغزو وخرجت منظمة التحرير من لبنان في أغسطس 1982. في 24 يوليو، أعلن الجميل ترشحّه لرئاسة الجمهورية.
رئاسة الجمهورية
المقالة الرئيسة: الانتخابات الرئاسية اللبنانية، أغسطس 1982
في 23 أغسطس، أنتخب الجميل رئيسًا للجمهورية، بعد حصوله على 57 صوتًا من أصل 62 نائبًا حضروا الجلسة النيابية. شُكِّكَ بنزاهة الانتخابات بسبب إجبار عدد من النواب على حضور الجلسة بالقوة لإكمال النصاب، بالإضافة إلى تواجد قوات إسرائيلية خارج مقرّ المجلس، ما دفع معارضيه إلى وصفه «رئيسًا على الدبابة الإسرائيلية».
في 25 أغسطس، وصلت قوات حفظ السلام الدوليّة، والتي تكوّنت من أغلبية فرنسية-أمريكيّة-إيطالية للإشراف على مغادرة منظمة التحرير من لبنان. وبالفعل غادر ياسر عرفات بيروت متوجّها إلى أثينا عاصمة اليونان، ورغم طلب الجميل بقاء هذه القوات لفترة إضافية، إلا أن الولايات المتحدة رفضت ذلك وغادرت لبنان في 10 سبتمبر.
في 1 سبتمبر، 1982، بعد انتخابه كرئيس للجمهورية بأسبوع، إجتمع برئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين في نهاريا. قام بيجين بتوبيخ الجميل معتبرًا أنه يحاول التهرّب من توقيع معاهدة صلح مع إسرائيل، وأمره بإدلاء تصريح حول الصداقة بين البلدين، وهدّده بأنه سيحتل جنوب لبنان في حال عدم إتمام الصلح. شكر الجميل جهود إسرائيل في دعم الجبهة اللبنانية واقترح تشكيل لجنة تتألف من إثنين لبنانيين وإسرائيليين لصياغة نصوص السلام وتحديد الأجندة التي سيلتزم بها الطرفان، مؤكدًا رغبته في توقيع المعاهدة وإقامة تحالف معهم.
في 12 سبتمبر، زار شارون منزل الجميل في بكفيا كمحاولة لتهدئة أجواء التوتّر بعد اجتماع نهاريا، وأكّدا على أهميّة الصداقة التي تجمع الإسرائيليين والمسيحيين في لبنان. تناقشا حول التنسيق بين الجيش اللبناني والإسرائيلي خلال رئاسة الجميل، وأشارا إلى التحضير لتنفيذ عملية مشتركة ضد الفلسطينيين في مخيما صبرا وشاتيلا والمدينة الرياضية، بالإضافة إلى هجوم ثنائي في المستقبل ضد الجيش السوري لدفعه نحو الإنسحاب من لبنان. كما اعتبر الجميل أنّه قد حان آوان الشروع في معاهدة الصلح، لكنّه ربط ذلك بنقطتين، الأولى هي إخراج الجيش السوري، والثاني هي ردّة الفعل العربية، فعلى الرغم من أنّه عبّر عن عدم اهتمامه بالمصالح العربية في لبنان، إلا أنّه أبدى تخوّفه من أزمةٍ اقتصادية ستنتج في حال مقاطعة الدول العربية له على غرار مصر.
الإغتيال
في 14 سبتمبر 1982، بينما كان بشير الجميل يخطب في زملائه من أعضاء حزب الكتائب في معقلهم بالأشرفية، انفجرت قنبلة في الساعة 4:10 مساءًا وأدت إلى مقتل بشير و26 سياسيًا كتائبيًا. لم يستطع أحد التعرف على الجثة من خلال وجهه إلا أنها عرفت لاحقًا من خلال خاتم الزواج الذي كان يرتديه ورسالة موجهة له كان يحملهما. في الصباح التالي، بعد أن إنتشرت إشاعات حول نجاة الجميل، وأن طائرة مروحية قد قدمت ونقلته إلى المستشفى، أكد رئيس الحكومة شفيق الوزان أن بشير الجميّل قد قتل.
إتهم بالإغتيال حبيب الشرتوني وهو مسيحي ماروني وعضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي وقد اعتُقِل بهذه التهمة. إستطاع الشرتوني تنفيذ العملية الاغتيال لأن أخته كان تعيش في الشقة فوق الغرفة التي كان الجميل فيها. قبل الحادثة بيوم، زار الشرتوني أخته، وزرع القنبلة في شقتها. في اليوم التالي، إتصل بها ودعاها للخروج من المبنى. بعد خروجها منه، قام بتفجير القنبلة عبر جهاز تفجير عن بعد، واُعْتُقِل عندما عاد للإطمئنان على أخته. إعترف الشرتوني لاحقًا بالجريمة، وأعلن أنه «نفذ حكم الشعب اللبناني على الجميل» لأنّ «بشير باع لبنان إلى إسرائيل». يعتبر الشرتوني، مثل الجميل، شخصية مثيرة للجدل، ويعتبره معارضو الجميل «بطلًا قتل قاتلًا» أما مؤيدوه فيرونه «قاتلًا قتل بطلًا».
سجن الشرتوني لمدة 8 سنوات حتى سيطرت القوات السورية على لبنان مع نهاية الحرب الأهلية وقامت بتحريره في 13 أكتوبر 1990.!!!!!!
Discussion about this post