في مثل هذا اليوم 25 يوليو1883م..
ميلاد لويس ماسينيون، مستشرق فرنسي.
لويس ماسينيون (بالفرنسية: Louis Massignon) Louis Massignon 25 يوليو 1883م – 31 أكتوبر 1962م من أكبر المستشرقين الفرنسيين وأشهرهم، وقد شغل عدة مناصب مهمة كمستشار وزارة المستعمرات الفرنسية في شؤون شمال أفريقيا، وكذلك الراعي الروحي للجمعيات التبشيرية الفرنسية في مصر.
تعلّم لويس العربية والتركية والفارسية والألمانية والإنكليزية وعني بالآثار القديمة، وشارك في التنقيب عنها في العراق (1907 – 1908) حيث أدى ذلك إلى اكتشاف قصر الأخيضر. درس في الجامعة المصرية القديمة (1913) وخدم في الجيش الفرنسي خمس سنوات خلال الحرب العالمية الأولى. استهواه التصوف الإسلامي فدرس الحلاج دراسة مستفيضة ونشر “ديوان الحلاج” مع ترجمته إلى الفرنسية وكذلك “مصطلحات الصوفية” و”أخبار الحلاج” و”الطواسين”، كما كتب عن بن سبعين الصوفي الأندلسي، وعن سلمان الفارسي. تولى لويس تحرير “مجلة الدراسات الإسلامية” وأصدر بالفرنسية “حوليات العالم الإسلامي” حتى عام 1954.
ارتباطه الوثيق بفرنسا
رغم الدراسات الكثيرة التي قدمها ماسينيون إلا أن ارتباطاته الفرنسية قد جعلته موضع شبهة.. فهناك الكثير من الآراء السلبية عنه وعن تصرفاته وأقواله. وهذا موقف عام من الاستشراق والمستشرقين في أحيان كثيرة. يجب أن لا ننسى أن ماسينيون هو ابن بيئته ومجتمعه ورغم بعض أقواله التبشيرية التي تبدو سمجة وغير مقبولة في يومنا الحاضر إلا أنه قدم أعمالاً أدبية كثيرة، وأعاد اكتشاف الكثير من التراث العربي والإسلامي بتقدير واحترام كبيرين. أما ارتباطه بالاستعمار الفرنسي للشرق العربي وكذلك حملات التطهير للبسطاء والأميين فهو مثار جدل، وقد يكون حقيقياً.
دراساته وأعماله
درس ماسينيون حياة الحسين بن منصور الحلاج دراسة مستفيضة وله فضل كبير في إعادة اكتشاف ذلك المتصوف الإسلامي. سأورد هنا الصلاة الأخيرة أو صلاة السجن من كتاب “الطواسين” الذي حققه ماسينيون وصدر عام 1913 في باريس باللغتين العربية والفرنسية. هذه الصلاة هي الدعاء الذي تلاه الحلاج عشية تعذيبه في 25 آذار 922 وهناك أربع صيغ لها سأورد منها اثنين.
الصيغة الأولى:
1. نحن شواهدك نلوذ بسَنا عزَّتك لتبدي ما شئت من شأنك ومشيئتك، 2. أنت الذي في السماء إله وفي الأرض إله، 3. يا مدهِّر الدهور ومصوِّر الصور، يا من ذلَّت له الجواهر، وسجدت له الأعراض، وانعقدت بأمره الأجسام، وتصوَّرت عنده الأحكام، 4. يا من تجلَّى لما تشاء [كما تشاء] كيف شاء مثل التجلِّي في المشيئة لأحسن الصورة [وفي نسخة: “مثل تجليك في مشيئتك كأحسن الصورة”]، 5. والصورة هي الروح الناطقة التي أفردته بالعلم والبيان والقدرة، 6. ثم أَوعزت إلى شاهدك في ذاتك الهوى اليسير، 7. لما أردت بدايتي وأظهرتني عند عقيب كراتي ودعوت إلى ذاتي بذاتي، 8. وأبديت حقائق علومي ومعجزاتي، 9. صاعداً في معارجي إلى عروش أزلياتي، عند القول من بريَّاتي، 10. إني أُحتضَر وأُقتَل وأُصلَب وأُحرَق وأُحمَل على السافيات الذاريات، 11. وإن لذرة من ينبوع مظانِّ هيكل متجلِّياتي لأعظم من الراسيات.
الصيغة الثانية:
1. نحن بشواهدك نلوذ، وبسَنا عزتك نستضيء، لتبدي ما ثبت من شأنك، 2. وأنت الذي في السماء عرشك، وأنت الذي في السماء إله وفي الأرض إله، 3. […]. 4. تجلَّى كما تشاء مثل تجلِّيك في مشيئتك كأحسن صورة ولا صورة، 5. والصورة فيها الروح الناطقة بالعلم والبيان والقدرة والبرهان، 6. […]. 7. كيف أنت إذا مثلت بذاتي عند عيانك ذاتي، 8. وأظهرت معراج علومي بعجزي، 9. […]. 10. إني أُخِذتُ وحُبِست وأُحضِرت وصُلِبت وأُحرِقت واحتملتْ الزياداتُ أجزائي، 11. وإن ما بقي في معناي متخلياً أعظم من زوال الراسيات.
الأبعاد الروحية لاستشراق ماسينيون
يذكر ماسينيون أنه قد تعرض للتوقيف من قبل السلطات العثمانية في أيار 1908 واتهم بالجاسوسية وسجن وهدّد بالموت، ويذكر أيضاً نوعاً من الرؤيا الروحية حيث يقول: رأيت ناراً داخلية تحاكمني وتحرق قلبي وكأنني أمام حضور إلهي لا يمكن التعبير عنه، حضور خلاق يوقف إدانتي بصلوات أشخاص غير مرئيين، زوار لسجني، التمعت أسماؤهم فجأة في مخيلتي”، ولأول مرة أصبح قادراً على الصلاة وكانت تلك الصلاة باللغة العربية. حين أفرج عنه بفضل عائلة من العلماء العرب المسلمين في بغداد توسطت له، قرّر أن يلتزم بدراسة الإسلام عميقاً وجدياً. من الأفكار المهمة التي آمن بها ماسينيون كانت فكرة “البَدَليّة”: وتفهم كشفاعة الأنبياء والمُخلصين ومثالها “الحلاج” الذي درسه ماسينيون بعمق وأنجز أطروحة الدكتوراه عنه عام 1914، وقد أظهر فيها تطور المراحل في حياة المتصوف عبر التوبة ونكران الذات والتطهر، إلى نوع من تجربة الاتحاد في ذات الله. وقد طبّق على الحلاج فكرة البدلية وهو يرى أن حياة الحلاج وشفاعة موته من أجل أمته تمتد إلى ما بعد إعدامه. واعتبر أن موت الحلاج نوع من الألم البطولي تحمله من أجل الآخرين، منتمياً بذلك إلى سلسلة البدائل أو الشواهد.
ليسيه لويس ماسينيون:
تخليدا لاسم لويس ماسينيون فقد أطلق اسمه على إحدى مدارس الليسيه – الثانوية الفرنسية – وهي بالتحديد (ليسيه لويس ماسينيون) في العاصمة الإماراتية (أبوظبي) وجاء ذلك عام 1982 ، علما أن المدرسة تأسست عام 1972 باسم إيكول دي سوسييتيه فرانسيز (مدرسة الجالية الفرنسية)!!
Discussion about this post