في مثل هذا اليوم 26 يوليو657م..
وقوع معركة صفين، على ضفاف نهر الفرات العراق، بين جيش خليفة المسلمين علي بن أبي طالب، وجيش والي الشام معاوية بن أبي سفيان، استمرت الاشتباكات بينهم ثلاثة أيام وانتهت دون حسم.
فى مثل هذا اليوم 26 يوليو 657م، وقعت معركة صفين بين الإمام على ابن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان، على الحدود السورية العراقية والتى انتهت بعملية التحكيم فى شهر رمضان من سنة سبع وثلاثين للهجرة، حيث كان يرفض معاوية بن أبى سفيان مبايعة الإمام على بن أبى طالب خليفة للمسلمين، حتى يقتص من قتلة الخليفة الثالث عثمان بن عفان.
وجاء فى كتاب “البداية والنهاية” لابن كثير فى فصل فى وقعة صفين بين أهل العراق وبين أهل الشام، أن على بن أبى طالب رضى الله عنه، فإنه لما فرغ من وقعة الجمل، ودخل البصرة، سار من البصرة إلى الكوفة، فنزل فى الرحبة، وصلى فى الجامع الأعظم ركعتين، ثم خطب الناس فحثهم على الخير، ونهاهم عن الشر، ومدح أهل الكوفة فى خطبته هذه.
ثم بعث إلى جرير بن عبد الله – وكان على همذان ممن زمان عثمان – وإلى الأشعث بن قيس – وهو على نيابة أذربيجان من زمان عثمان – أن يأخذا البيعة على من هنالك من الرعايا ثم يقبلا إليه، ففعلا ذلك.
فلما أراد على رضى الله عنه أن يبعث إلى معاوية رضى الله عنه يدعوه إلى بيعته قال جرير بن عبد الله: أنا أذهب إليه يا أمير المؤمنين، فإن بينى وبينه ودَّا، فآخذ لك منه البيعة.
فقال الأشتر: لا تبعثه يا أمير المؤمنين، فإنى أخشى أن يكون هواه معه.
فقال علي: دعه، وبعثه وكتب معه كتابا إلى معاوية يعلمه باجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته، ويخبره بما كان فى وقعة الجمل، ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس.
فلما انتهى إليه جرير بن عبد الله أعطاه الكتاب، فطلب معاوية عمرو بن العاص ورؤوس أهل الشام، فاستشارهم، فأبوا أن يبايعوا حتى يقتل قتلة عثمان، أو أن يُسلم إليهم قتلة عثمان، وإن لم يفعل قاتلوه ولم يبايعوه.
فرجع جرير إلى على فأخبره بما قالوا، فقال الأشتر: يا أمير المؤمنين ألم أنهك أن تبعث جريرا، فلو كنت بعثتنى لما فتح معاوية بابا إلا أغلقته. فقال له جرير: لو كنت ثَمَّ لقتلوك بدم عثمان. فقال الأشتر: والله لو بعثنى لم يعينى جواب معاوية، ولأعجلنه عن الفكرة، ولو أطاعنى قبل لحبسك وأمثالك حتى يستقيم أمر هذه الأمة.
فقام جرير مُغضبا، وأقام بقرقيسيا، وكتب إلى معاوية يخبره بما قال وما قيل له.
فكتب إليه معاوية يأمره بالقدوم عليه، وخرج أمير المؤمنين على بن أبى طالب من الكوفة عازما على الدخول إلى الشام، فعسكر بالنخيلة، واستخلف على الكوفة أبا مسعود عقبة بن عامر البدرى الأنصاري، وكان قد أشار عليه جماعة بأن يقيم بالكوفة، ويبعث الجنود، وأشار آخرون أن يخرج فيهم بنفسه.
وبلغ معاوية أن عليا قد خرج بنفسه، فاستشار عمرو بن العاص فقال له: اخرج أنت أيضا بنفسك، وقام عمرو بن العاص فى الناس فقال: إن صناديد أهل الكوفة والبصرة قد تفانوا يوم الجمل، ولم يبق مع على إلا شرذمة قليلةٌ من الناس ممن قتل.
وقد قتل الخليفة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، فالله الله فى حقكم أن تضيعوه، وفى دمكم أن تطلبوه، وكتب إلى أجناد الشام فحضروا، وعقدت الألوية والرايات للأمراء، وتهيأ أهل الشام وتأهبوا، وخرجوا أيضا إلى نحو الفرات من ناحية صفين – حيث يكون مقدم على بن أبى طالب رضى الله عنه – وسار على رضى الله عنه بمن معه من الجنود من النخيلة قاصدا أرض الشام.
وقد بعث على بين يديه زياد بن النضر الحارثى طليعة فى ثمانية آلاف، ومعه شريح بن هانئ، فى أربعة آلاف، فساروا فى طريق بين يديه غير طريقه، وجاء على فقطع دجلة من جسر منبج وسارت المقدمتان.
فبلغهم أن معاوية ركب فى أهل الشام ليلتقى أمير المؤمنين عليا فهموا بلقياه فخافوا من قلة عددهم بالنسبة إليه، فعدلوا عن طريقهم وجاؤا ليعبروا من عانات فمنعهم أهل عانات فساروا فعبروا من هيت ثم لحقوا عليا – وقد سبقهم – فقال علي: مقدمتى تأتى من ورائي؟
فاعتذروا إليه بما جرى لهم، فعذرهم ثم قدمهم أمامه إلى معاوية بعد أن عبر الفرات فتلقاهم أبو الأعور عمرو بن سفيان السلمى فى مقدمة أهل الشام فتواقفوا، ودعاهم زياد بن النضر أمير مقدمة أهل العراق إلى البيعة، فلم يجيبوه بشيء فكتب إلى على بذلك فبعث إليهم على الأشتر النخعى أميرا، وعلى ميمنته زياد، وعلى ميسرته شريح.
وأمره أن لا يتقدم إليهم بقتال حتى يبدأوه بالقتال، ولكن ليدعهم إلى البيعة مرة بعد مرة، فإن امتنعوا فلا يقاتلهم حتى يقاتلوه، ولا يقرب منهم قرب من يريد الحرب، ولا يبتعد منهم ابتعاد من يهاب الرجال، ولكن صابرهم حتى آتينك، فأنا حثيث السير وراءك إن شاء الله.
فتحاجزوا يومهم ذلك، فلما كان آخر النهار حمل عليهم أبو الأعور السلمي، وبعث معه بكتاب الإمارة على المقدمة مع الحارث بن جهمان الجعفي، فلما قدم الأشتر على المقدمة امتثل ما أمره به علي، فتواقف هو ومقدمة معاوية وعليها أبو الأعور السلمى فثبتوا له واصطبروا لهم ساعة.ثم انصرف أهل الشام عند المساء، فلما كان الغد تواقفوا أيضا وتصابروا، فحمل الأشتر فقتل عبد الله بن المنذر التنوخى – وكان من فرسان أهل الشام – قتله رجل من أهل العراق يقال له: ظبيان بن عمارة التميمي.
فعند ذلك حمل عليهم أبو الأعور بمن معه، فتقدموا إليهم وطلب الأشتر من أبى الأعور أن يبارزه فلم يجبه أبو الأعور إلى ذلك، وكأنه رآه غير كفء له فى ذلك والله أعلم.
وتحاجز القوم عن القتال عند إقبال الليل من اليوم الثاني، فلما كان صباح اليوم الثالث أقبل على رضى الله عنه فى جيوشه، وجاء معاوية رضى الله عنه فى جنوده فتواجه الفريقان وتقابل الطائفتان فبالله المستعان، فتواقفوا طويلا.
وذلك بمكان يقال له: صفين، وذلك فى أوائل ذى الحجة، ثم عدل على رضى الله عنه فارتاد لجيشه منزلا، وقد كان معاوية سبق بجيشه فنزلوا على مشرعة الماء فى أسهل موضع وأفسحه، فلما نزل على نزل بعيدا من الماء، وجاء سرعان أهل العراق ليردوا من الماء فمنعهم أهل الشام فوقع بينهم مقاتلة بسبب ذلك.
وقد كان معاوية وكل على الشريعة أبا الأعور السلمي، وليس هناك مشرعة سواها، فعطش أصحاب على عطشا شديدا فبعث على الأشعث بن قيس الكندى فى جماعة ليصلوا إلى الماء فمنعهم أولئك وقال: موتوا عطشا كما منعتم عثمان الماء.
فتراموا بالنبل ساعة، ثم تطاعنوا بالرماح أخرى، ثم تقاتلوا بالسيوف بعد ذلك كله، وأمد كل طائفة أهلها حتى جاء الأشتر النخعى من ناحية العراقيين، وعمرو بن العاص من ناحية الشاميين، واشتدت الحرب بينهم أكثر مما كانت، ثم ما زال أهل العراق يكشفون الشاميين عن الماء حتى أزاحوهم وخلوا بينهم وبينه، ثم اصطلحوا على الورود حتى صاروا يزدحمون فى تلك الشريعة لا يكلم أحد أحدا، ولا يؤذى إنسان إنسانا.
وفى رواية: أن معاوية لما أمر أبا الأعور بحفظ الشريعة وقف دونها برماح مشرعة، وسيوف مسللة، وسهام مفرقة، وقسى موترة، فجاء أصحاب على عليا فشكوا إليه ذلك فبعث صعصعة بن صوحان إلى معاوية يقول له: إنا جئنا كافين عن قتالكم حتى نقيم عليكم الحجة، فبعثت إلينا مقدمتك فقاتلتنا قبل أن نبدأكم، ثم هذه أخرى قد منعونا الماء، فلما بلغه ذلك قال معاوية للقوم: ماذا يريدون؟
فقال عمرو: خل بينهم وبينه، فليس من النصف أن نكون ريانين وهم عطاش.
وقال الوليد: دعهم يذوقوا من العطش ما أذاقوا أمير المؤمنين عثمان حين حصروه فى داره، ومنعوه طيب الماء والطعام أربعين صباحا.
وقال عبد الله بن سعد بن أبى سرح: امنعهم الماء إلى الليل فلعلهم يرجعون إلى بلادهم.
فسكت معاوية فقال له صعصعة بن صوحان: ماذا جوابك؟
فقال: سيأتيكم رأيى بعد هذا، فلما رجع صعصعة فأخبر الخبر ركب الخيل والرجال، فما زالوا حتى أزاحوهم عن الماء ووردوه قهرا، ثم اصطلحوا فيما بينهم على ورود الماء، ولا يمنع أحد أحدا منه.
وأقام على يومين لا يكاتب معاوية ولا يكاتبه معاوية، ثم دعا على بشير بن عمرو الأنصاري، وسعيد بن قيس الهمذاني، وشبيث بن ربعى السهمى فقال: إيتوا هذا الرجل فادعوه إلى الطاعة والجماعة، واسمعوا ما يقول لكم.
فلما دخلوا على معاوية قال له بشير بن عمرو: يا معاوية! إن الدنيا عنك زائلة، وإنك راجع إلى الآخرة، والله محاسبك بعملك، ومجازيك بما قدمت يداك، وإنى أنشدك الله أن تفرق جماعة هذه الأمة، وأن تسفك دماءها بينها.
فقال له معاوية: هلا أوصيت بذلك صاحبكم؟
فقال له: إن صاحبى أحق هذه البرية بالأمر فى فضله ودينه وسابقته وقرابته، وإنه يدعوك إلى مبايعته فإنه أسلم لك فى دنياك، وخير لك فى آخرتك.فقال معاوية: ويظل دم عثمان؟ لا والله لا أفعل ذلك أبدا.
وما رأى معاوية بن أبى سفيان انتصارات جيش على على جيشه، وقد قرب منه القائد مالك الأشتر مع مجموعته، دعا عمرو بن العاص إلى خطّة للوقوف أمام هذه الانتصارات. فقام عمرو بن العاص بخدعة، حيث دعا جيش معاوية إلى رفع المصاحف على أسنة الرماح، ومعنى ذلك أنّ القرآن حكم بينهم، ليدعوا جيش على إلى التوقف عن القتال ويدعون علياً إلى حكم القرآن.!!!
Discussion about this post