🖌️📖قراءتي في قصيدة
[ياليتني كنتُ رشة عطرٍ بأثوابها..]
للشاعر التونسي حمد حاجي
Hamed Hadji
————-
تـــصــديــر
الكتابة هي فعل فردي في النهاية
يقول باشلار:
{إن الشعر العظيم هو الشعر الرؤيوي إن الرؤيا هي التي تجعل الشعر جسدا
لأن هناك فرق بين النص العادي والنص الإبداعي
كالفرق بين حال الرؤية والرؤيا}
والشاعر حمد حاجي شعره رؤيــوي
وتبقى الكتابة فعلا فرديا في النهاية…
———-
الـقـصـيـد يحمل دفءَ الحنين وروح التعلق والعطاء، حيث تتجلى صورة المرأة وهي تمنح دون انتظار، وتضيء كالقمر وسط أفراخها، بينما يقف الشاعر عند حافة الرجاء والتمني، يحلم أن يكون جزءا من هذا العطاء، لكنه يواجه صلابة وقسوة تتوضّح في القفلة
في رحـــاب القـصـيـدة
التدرج في الصور الشعرية جميل، من الأفق الرحب إلى تفاصيل القرب الحميمي، كحبات القمح وفرخ الحمام، مما يضفي على النص إحساسا بالانتماء المفقود أو الرغبة في الاندماج الكلي في كيان الحنان…
ما يصنع قوة هذه القصيدة
هو التدرج العاطفي والربط بين المشاهد
حيث يبدأ القصيد بمشهد العطاء المطلق وينتهي بمفارقة القسوة… أما الانتقال بينهما قد يبدو مفاجئا بالنسبة للبعض … وقد يتبادر للذهن فكرة التمهيد لهذا التحول بعبارات تلمح إلى التباين التدريجي بدلا من القفز المباشر إلى (قلبك أقسى من الحجر) ولكن لمعرفتي القوية بأسلوب الشاعر في رسم لوحاته المكتوبة بالحروف وقدرته على خلق المفارقة واختطاف اللحظة الآسرة لبروزتها في إطار الديمومة والأبدية، ولغته المكثفة مع قدرتـه على صقل التكثيف اللغوي كل هذا يجيز له هذا القفز الجميل بل هذا مطلوب منه باعتباره يمتلك ناصية عنفوان اللغة ،شاعر شعره هو بصمته الخاصة به حتى في هندسة وإخراج كتابة قصائده لـذا لا داعي لأي كان أن يستعير هندسته فالأمر مكشوف…
كما نعيش تعزيز الإيقاع والوزن والموسيقي حيث نحس سلاسة وانسيابية ًونلحظ توحيد الصور وتعزيز الرؤية الشعرية…
أما البيت الأخير فيكسر نسق الحلم والدفء بإدخال مفارقة (القلب الأقسى من الحجر) فهل هو قلب المرأة التي يُشبَّه عطاؤها بالسماء، أم أنه تحوّل مفاجئ في نظرة الشاعر وهذا التباين يمثل عنصر قوة…
أختم بأبيات (يا قاسي القلب
للشاعر(أبو حيان الأندلسي)
قاسيَ القلبِ قدْ أشعلتَ أحزاني ناراً بها مقلتي ذابتْ وأجفاني
أبو حيان الأندلسي
يا قاسيَ القَلبِ لَيسَ اللَفظُ مَطمَعَهُ
ساجي الجُفونِ حَنينَ اللَحظِ راحمَهُ
أَما تَرِقُّ لِصَبٍّ فيك مُكتَئِبٍ
عفٍّ غَدا صادِقاً في الودِّ كاتِمَهُ
شكرا وقصيدتك رشة عطر
في معتقة على جيد الشعر
———
الــقـصـيــدة
ياليتني كنتُ رشة عطرٍ بأثوابها..
وألمحها بالفناء.. عمودَ رخام..
يداها سماء عطايا…
وجئتُ كما جاء ربَّهُ موسَى على قَدَرِ
وتطعمُ أفراخها ..
لا تبالي بحرف سلام على طرف الشفتين
يدندن كاللحن بالوترِ..
تدور وتنثر عطرا ونورا..
وأزهار فستانها
كالكَواكب في الأفق يَحفُفنَ بِالقَمَرِ..
فيا ليتني حبّاتُ قمحٍ، أقولُ..
ويا ليتني كنتُ..
فرخ حمام بباطن كفّيْكِ.. حطَّ على شجَرِ..
لأرسم وشما وقلبا
وأكتب اسمي على معصميك ..
ولكنّ قلبك أَقسى من الحجرِ..
أ. حمد حاجي =
———————-
فائزه بنمسعود
Québec/19/3/2025
